مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا لصحيفة :14اكتوبر
لقاء/ زكي نعمان الذبحاني احتلت البعوضة الناقلة للملاريا مرتبة متقدمة في التصنيف الحشري للحشرات الناقلة للأمراض الأكثر خطورة لأسوأ ما يهدد صحة الإنسان، فهي تتسبب - بنقلها داء الملاريا- بأوبئة واسعة وجائحات مروعة...إنها عن استحقاقٍ الحشرة المصاصة للدماء الأسوأ على وجه الأرض، فبسببها طغت على المشد في البلدان ذات الوبائية العالية أعباء صحية واقتصادية بالغة السوء تثقل كاهل الأفراد والأسر والمجتمعات وحتى الحكومات..في اللقاء الصحفي الذي أجراه موقع المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني مع الدكتور/عادل الجساري- مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة ودحر الملاريا، تتحدد معالم مهمة حول مرض الملاريا ونواقله من البعوض وما يمثلانه من مشكلة كبيرة في اليمن؛ وكذلك تبرز أهمية الوقاية من خلال الناموسيات المشبعة بالمبيد وما يلزم من تدخلات فاعلة للتصدي لهذا المرض ودحره.ولنبق مع التفاصيل.. الإنسان محور المشكلة- يقال إن محور تزايد انتشار الملاريا يكمن في أخطاء وممارسات من صنع الإنسان.. ما السر في تسبب الإنسان بهذه المشكلة؟--الإنسان - من دون شك- على رأس لائحة الاتهام؛ بإسهامه في تهيئة المناخات الملائمة لتكاثر البعوض الناقل للملاريا، باعتباره المسؤول عن أعمال الحفر للحفر والأخاديد والتسبب في تكون بؤر مائية كثيرة وبرك مكشوفة ومستنقعات فضلاً عن استغلاله للموارد المائية بصور غير سليمة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تزايد حجم البعوض وانتشاره على أوسع نطاق في مناطق تواجده وانتشاره.الأصل والمصدر- لا يفهم البعض حقيقة مرض الملاريا والمصدر الناقل للإصابة، وكثير من الناس معذورون في مجتمعنا بسبب انتشار الأمية.. فما أصل هذا المرض؟ وما مصدره؟ --هذا يضعنا أمام مسؤولية توضيح حقيقة أحد أسوأ وأخطر الأمراض المنقولة بواسطة البعوض؛ بل والأوسع انتشاراً على الإطلاق، فهو مرض طفيلي يصيب الإنسان بواسطة أنثى البعوض الحامل للمرض التي تجد من أجل الحصول على وجبة الدم اللازم لإنضاج البيوض التي تحملها.وبلغة الأرقام يصاب في كل ثانية (10 أشخاص) بالملاريا حول العالم، ويتراوح عدد حالات الإصابة بها سنوياً ما بين (350 مليون - 500 مليون) حالة، حاصدةً كل عام أرواح ما يربو على المليون مصاب.واليمن- بطبيعة الحال - ليست بمنأى عن هذا المرض، حيث تصنف وبائياً ضمن المجموعة الأفريقية لسيادة الملاريا المنجلية التي تعد أخطر أنواع الملاريا وتشكل (98%) من حالات الإصابة .في حين أن الإصابة بالمرض انحسرت في اليمن منذ العام 2008م من (900 ألف) حالة إصابة سابقاً إلى نحو (265 ألف) إصابة عام2012م، بينما تشكل الوفاة بالمرض نسبة (1%) من إجمالي الإصابات.و تمضي جهود وزارة الصحة باتجاه القضاء على المرض واستئصاله من محافظات الجمهورية، ومنها إطلاق مبادرة استئصال الملاريا في جزيرة سقطرى، ومؤخراً ستشمل مبادرة من هذا النوع محافظة حضرموت الغناء.وفي اليمن نوعان من أنواع طفيلي الملاريا ينتشران على نطاقٍ واسع وهما :الملاريا المنجلية: وهذا النوع أكثر خطورة وتسبباً في الوفاة لحالات الإصابة الحرجة، ويؤدي إلى الملاريا الوخيمة والملاريا الدماغية. - الملاريا النشيطة: ويسبب الملاريا النشيطة أو ما يسمى (بحمى الغب الحميدة).في حين أن الناقل للمرض هو بعوض (الأنوفيليس)؛ ويتألف من (380) نوعاً ليس من بينها ما ينقل الملاريا سوى (60) نوعاً فقط، أخطرها نوع سائد في بيئتنا يطلق عليه (الأنوفيليس العربي).ووحدها إناث بعوض (الأنوفيليس) تهاجم البشر في طريقها للحصول على وجبة دم لتتغذى عليه وكذا لإنضاج بيوضها، فهي الناقل الرئيسي للمرض، بينما يتغذى الذكور على رحيق الأزهار.إن العلامات السريرية للملاريا مبنية على ملاحظة الطبيب للمظاهر السريرية، وهذا- بالطبع- يعتمد على شدة الإصابة بالمرض، ويُشكل أول خطوة للتشخيص؛ يتبعها أخذ عينة دمٍ من المريض لفحصها مخبرياً؛ لتأكيد أو نفي الإصابة بالمرض.وصف الأعراض كيف تبدو أعراض الإصابة بهذا المرض؟ وهل تتخذ نسقاً متشابهاً لدى جميع حالات الإصابة؟ ليس بالضرورة في الحالات ظهور أعراض الإصابة بالملاريا بالكامل، إنما يكفي ظهور عرضٍ واحد منها؛ كالحمى- حيث أنها الأهم- هذا ما يجب أن يعيه كل من يعيش في مناطق انتشار المرض وكل القادمين منها أو إليها في موسم انتشار نواقله من البعوض.وعموماً، فإن من أبرز أعراض الإصابة بالملاريا: (الحمى الشديدة، الفتور، الصداع، الدوار، التقيؤ، فقدان الشهية، التعرق والرعشة، الآلام في المفاصل والظهر).على الطرف الآخر، تبدو علامات الخطورة للملاريا واضحة المعالم على المرضى عند الإصابة الوخيمة، وتتحدد في التبدلات في السلوك (الاختلاجات، فقدان الوعي، النعاس، عدم القدرة على المشي أو الجلوس أو الكلام أو التعرف على الأقارب).بالإضافة إلى: التقيؤ المتكرر، عدم القدرة على استبقاء الأدوية الفموية، عدم القدرة على الأكل أو الشرب، ارتفاع درجة حرارة الجسم زيادة على (39) درجة مئويةْ، إدرار كمية قليلة من البول الداكن أو غياب البول، اصفرار بياض العينين، فقر الدم، الإسهال وما قد يؤدي إليه من جفاف شديد يبدو فيه الجلد مترهلاً والعينان غائرتين.مضاعفات خطيرة- إلى أين تتجه مضاعفات الملاريا بالنسبة للحالات الوخيمة؟ وما أسوأ صور هذه المضاعفات؟-- شدة الإصابة بالملاريا تُسفر عنها مضاعفات خطيرة من شأنها التسبب بالوفاة ما لم يكن هناك تدخل علاجي عاجل ورعاية صحية ملازمة. وهذه المضاعفات تشمل: الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، فقر الدم الشديد، هبوط الدم الدوراني،الفشل الكلوي، الفشل الكبدي، تضخم الطحال، إجهاض الحمل، ولادة أطفال ناقصي الوزن، التشنجات العصبية، الملاريا الدماغية، وهذا النمط تحديداً(أي الملاريا الدماغية) يحصد وفيات تصل إلى حوالي (25%) من الحالات.- طالما أن المواليد والأطفال أكثر من تشكل الملاريا تهديداً لهم وكذلك النساء الحوامل.. فأين تكمن المشكلة؟ -- إن ما يعزز خطورة الملاريا على الأطفال الصغار دون سن الخامسة، ضعف المنظومة المناعية لديهم، ما يجعل من السهل إصابتهم باعتلالات شديدة تحصد أرواحهم سريعاً بُعيد أيام على إصابتهم بالمرض.بينما الجسم مع الحمل يكون ضعيفاً، ومعه تبدو الإصابة بالملاريا أشد وأكثر فداحةً؛ الأمر الذي يستدعي الخضوع للعلاج بشكلٍ عاجل حتى لا تسوء حالة المرأة الحامل وتتجه إلى المضاعفات الخطيرة للملاريا التي تُفضي إلى انتكاسة تجهض الحمل وقد تفارق المرأة على أثرها الحياة، أو تتسبب بوفاة المولود أثناء ولادته، وإن ولدت مولوداً حياً فعلى الأقل سيكون صغير الحجم؛ ضعـيفاً وبـوزنٍ أقل، ـما يجعله عرضـة لعلل جـسيمة يمكن أن تـؤدي إلى وفاتـه لاحقاً.- إذن، ما الاعتبارات التي يجب اتباعها من للحيلولة دون إصابة هذه الفئات بالملاريا - بالذات- إلى جانب جميع أفراد المجتمع بالملاريا؟-- لابد على المجتمع تأدية دوره في الحفاظ على البيئة وحمايتها باحتواء ومعالجة مشكلة تجمعات مياه الأمطار وخزانات المياه المكشوفة وحتى أواني المياه المكشوفة مهما بدت صغيرة؛ فهي تهيئ للبعوض ملاذاً امناً للعيش ووضع البيوض والتكاثر.ونُهيب بالمواطن عدم التهاون في حماية نفسه وأفراد أسرته من لدغ البعوض، فلا يفتح النوافذ ليلاً بدافع التهوية والتخفيف من الحر إذا لم تكن مدعمة بشبك حماية (تل) يمنع دخول البعوض من فتحاته، وإن كان لابد- تلافياً للدغ البعوض- يلزم عليه وأفراد أسرته الجلوس أو النوم تحت الناموسية المشبعة بالمبيد، وألا يستأنس بالسهر أو النوم خارج المنزل هرباً من الحر بدونها؛ طالما الملاريا منتشرة وأسراب البعوض تصول وتجول بحرية في كل مكان، حيث ان البعوض الناقل للمرض لا ينشط في النهار وإنما ليلاً مع مغيب الشمس وحتى انتهاء الليل ناقلاً المرض في هذه الأثناء. مبيد الناموسية آمن- أليس في المبيد الموجود في الناموسيات المشبعة خطورة على الإنسان باعتباره خليطاً من المركبات الكيميائية؟ وما مدى خطره على البيئة والحشرات النافعة كالنحل؟-- من الضروري تلافي احتكاك الناموسية المشبعة بالمبيد بالجلد؛ كونه قد يثير الحساسية الجلدية لدى البعضومن الجيد بقاء الناموسية بعيداً عن أيدي الأطفال وغسل اليدين عند لمسها قبل تناول الطعام من باب الحيطة وتجنب وقوع أي ضرر طفيف محتمل كالإسهال والنزلة المعوية. وكلا الأمرين لا يمثلان مشكلة تلغي أهمية هذا النوع الآمن من الناموسيات؛ لأن مبيدها آمن ولا يضر بالإنسان أو البيئة أو يشكل خطورة عليهما.كما ليس له تأثير ضار بالحيوانات وسائر الحشرات الكبيرة كالنحل وما يماثلها حجماً، فهذا المبيد يتم مزجه بعناية ومعايير غاية في الدقة ويدخل مصنعياً ضمن مكون نسيج الناموسية وفق معايير صارمة معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية.الانتفاع من الناموسية- كيف يتسنى الانتفاع من هذه الناموسيات المشبعة بأقصى الدرجات الممكنة؟ وما شروط استعمالها والمحافظة عليها؟ -- هناك شروط ضرورية يجب اتباعها عند استخدام الناموسية المشبعة بالمبيد من أجل تحقيق الاستفادة كاملة منها وتشمل:- فتح الناموسية المشبعة الجديدة ونشرها في الظل مدة (24) ساعة قبل الاستخدام للتخلص من المبيد الزائد وشوائب مخلفات التصنيع.- عدم تعريض الناموسية المشبعة للشمس حتى لا يتأثر المبيد الموجود داخل نسيجها.- تركيب الناموسية على شكل الخيمة بربطها بحبال صغيرة قوية من أطرافها العلوية لتعلق على الجدار من زواياها الأربع حتى تتخذ شكل الخيمة.- لابد من خياطة الشقوق والثغرات إذا وجدت على الناموسية حتى لا تُمكن البعوض من الدخول إلى داخلها. مع وجوب المحافظة عليها بإبعادها عن الشمس والنار.- يجب إبعادها عن الشمس والنار وعن عبث الأطفال. ينبغي غسل الناموسية إذا اتسخت بماءٍ فاتر ولكن دون استخدام منظفات أخرى، لأجل الحفاظ على المبيد من الزوال .وبذلك يجب الانتفاع بالناموسية المشبعة على أتم وجه؛ لاسيما لحماية الفئات الأكثر تضرراً والأقل مناعة عند الإصابة بالملاريا وهم الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل، فصون هاتين الفئتين في مناطق انتشار المرض من خلالها ينقذهما من الإصابة وما تسفر عنه من اعتلالات ومضاعفات خطيرة فتاكة.وختاماً.. ننوه الجميع بالمبادرة إلى التماس العلاج- متى ثبتت الإصابة مخبرياً- لا أن يتهاونوا في تناول الأدوية التي يصفها الطبيب أو ينقطعوا عنها؛ فتفقد فاعليتها في الشفاء ومنع المضاعفات الخطيرة للمرض.المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان