عدد من البراعم الصغيرة تتحدث لصحيفة ( 14 أكتوبر ) عن تجربتها في العمل:
أجرت اللقاءات / منى علي قائد / تصوير / مواهب بامعبدظاهرة عمالة الأطفال من الظواهر السيئة وغير الحضارية، إذ تجد الأطفال يتجولون في الشوارع وبين المارة، ويفترشون الأرض ببضائعهم المختلفة، وذلك للترويج عنها وخاصة في المواسم المهمة كالأعياد الدينية، والإجازات المدرسية، لهذا وتزامنـا مع بدء العام الدراسي الجديد 2012 / 2013م ونتيجة لتفشي هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة.. التقت صحيفة “14 أكتوبر” عددا من الأطفال العاملين وعرضت معاناتهم.. [c1]وإليكم حصيلة هذه اللقاءات:[/c]في بدء جولتنا الاستطلاعية التقينا الطفل / عمر عبدالباسط محمد - طالب في الصف الثامن، وقد تحدث إلينا قائلا:أعمل حاليـا بائعـا للأدوات المكتبية والقرطاسية، إذ تتحدد طبيعة عملنا بحسب الموسم، دخلت سوق العمل منذ صغري، وقد دفعني لذلك والدي، إذ أعمل وأشقى لكي أصرف على نفسي “أتمرجل” ويبدأ عملي من الساعة الرابعة عصرا حتى المساء.وأفاد : عملي هذا يكون فقط في أيام الإجازات المدرسية ومواسم الأعياد الدينية، لكن في أيام الدراسة أتوقف عن العمل وأتفرغ لدراستي.وأضاف: أثناء عملنا هذا نتعرض أنا وزملائي الأطفال الذين هم في سني لعدد من الإشكاليات بعضها مع الزبائن، وهذه نستطيع أن نتفاداها بهدوء وسلاسة، وبعضها مع الشباب الصايع “البلاطجة” الذين يقومون بمهاجمتنا لسرقة ما نتحصل عليه طوال اليوم، وهذا السلوك لا نتفاداه بسهولة، وإنـما تحصل بيننا وبينهم مشادات كلامية ومشاجرات عنيفة، وذلك لمحاولة منعهم وردعهم عن أخذ ما جنيناه طول اليوم، إلى أن يتم الفصل بيننا وبينهم من قبل زملائنا البائعين أو المارة.أما بخصوص الدراسة استطرد قائلا:لا أريد العمل في هذه السن؛ لأنـه شاق ومتعب، وإنـما أريد أن أتحصل على حقي في التعليم، وذلك كي أتبوأ مراتب علمية عليا، وبالتالي أفيد وطني وأحميه بعلمي.لهذا أتمنى من الدولة والجهات المختصة أن تنظر إلى حالنا كعمالة أطفال بصورة جدية.[c1]مضايقات العمل[/c]بينما الطفل / هيثم عبده أحمد - البالغ من العمر «15 عامـا» قال:أنا طالب في الصف الثاني الثانوي، وأعمل بائع جوارب، وذلك لأصرف على عائلتي البالغ قوامها (7 أفراد)؛ لأن والدي رجل كبير ويعاني من عدة أمراض، ولم يعد يقوى على العمل، ولا يوجد أحد غيري يعول هذه الأسرة.وأوضح: أثناء عملي أتعرض لبعض المضايقات منها محاولة سرقة ما نتحصل عليه من نقود من بعض الشباب المستهتر «البلاطجة»، ولكن أحاول منعهم من أخذ أي شيء مني بكل قوتي «هذا حالنا كل يوم».واستطرد قائلا: أما في ما يخص المدرسة ومع بدء العام الدراسي الجديد وفتح باب المدرسة وعودة الطلاب إليها، أتمنى أن أكون من ضمن هؤلاء الأطفال، وأعود مرة أخرى إليها، وذلك لأكمل المشوار الذي بدأته حتى أصبح ذا شأن عظيم في بلادي اليمن.[c1]علاج أختي المريضة[/c]ومن جانبه قال الطفل/ حمزة أحمد سيف - من أبناء محافظة تعز وطالب في الصف الخامس: عمري «12 عامـا» وأعمل بائع إسفنج لأصرف على أسرتي المكونة من «4 أفراد»، وعلي لإيجاد المال الكافي لأعالج أختي المريضة، وذلك لأني الولد الوحيد لهذه الأسرة، ولا يوجد أحد يصرف علينا بعد وفاة والدي.أما في ما يخص الدراسة فقد أجاب: «سأعود إليها، ولكن بعد عيد الأضحى المبارك»، وأما بخصوص سؤالي له عن ماذا يريد أن يصبح في المستقبل؟ فأجاب بصوت خافت فيه غصة: «أي حاجة».[c1]أعيش في محل ملابس[/c]أما الطفل : فؤاد أحمد محمد - من أبناء مديرية التربة بمحافظة تعز، وطالب في الصف السابع فقال:أعمل بائع جوارب، وحاليـا أعيش مع مجموعة من أصدقائي في محل ملابس.واستطرد قائلا: عندما تغلق المدارس أبوابها ويسدل الستار ونودع العام الدراسي بأكمله، وتبدأ الإجازة الصيفية، ويأتي موسم الأعياد والمناسبات ننزل إلى الأسواق، ونقوم بعملنا في البيع والشراء، وذلك لتمضية الوقت أولاً، ولكسب المال ثانيـا من أجل أن نساعد أسرنا بمصاريف الحياة اليومية الصعبة.وأضاف: نستمر ندور.. وندور في هذه العجلة حتى يبدأ العام الدراسي الجديد، ومن ثم نعود أدراجنا مقاعدنا الدراسية.وعند سؤالي له عن حلمه في المستقبل، لم يحدد له هدفـا معينـا.. وأجاب بقوله: «على الله لما أكبر».[c1]أفضل العمل على الدراسة[/c]وخلال وقفتنا القصيرة مع الطفل: رامي محمد عبده الذي يبلغ من العمر «14 عامـا» قال:أنا أعمل مع أخي في بيع المواد المدرسية والقرطاسية، وذلك لمساعدته في مصاريف أسرتنا المكونة من «8 أفراد» لأن والدي «رب الأسرة» مريض، ولا يستطيع العمل.أما في ما يخص ذهابه إلى المدرسة فأفاد: أفضل العمل أكثر من الدراسة، إذ لا توجد لدي الرغبة فيها؛ ولأني من خلال العمل أستطيع أن أكسب المال، وأساعد في دخل أسرتي، بدلا من زيادة العبء عليهم أكثر فأكثر من خلال التعليم والدراسة.[c1]شجعني والدي[/c]وخلال جولتي الميدانية التقيت بأصغر تاجر وهو الطفل: باشق فؤاد، الذي يبلغ من العمر «15 عامـا»، ويدرس في الصف التاسع، وقد أدهشني حديثه معي إذ قال:أنا من عائلة ميسورة الحال، إذ جميع أفرادها يعملون، وأنا أعمل لأني أحب العمل أولا؛ ولأن والدي شجعني عليه منذ كنت صغيرا، إذ قمت بخوض التجارة «البيع والشراء» مع والدي، ومن ثم حاولت أن استقل بذاتي وأعتمد على نفسي، إذ عملت على تجميع مبلغ وقدره «100,000» ريال عن طريق «الهكبة»، وقمت بفتح مشروع صغير لبيع ألعاب الأطفال خاص بي لوحدي، ومن دون مشاركة أحد.وأفاد: بأن «المبلغ الذي أتحصل عليه من هذه التجارة أقوم بإعطاء مبلغ بسيط جدا مصروفـا للبيت، والباقي أشتري به بضاعة جديدة.أما في ما يخص المدرسة واقتراب موسم الدراسة أجاب:طبعـا سأذهب إلى المدرسة، ولكنني لست مهتمـا بالحصول على الشهادة؛ لأنه ليس منها أي فائدة.. فطالما لدي مشروع ناجح كهذا فهو أهم وأكبر شهادة لي.[c1]أؤمن مصاريف أسرتي[/c]آخر لقاءاتنا كان مع الطفل: موسى محمد سعيد - طالب في الصف الخامس، ويبلغ من العمر «12 عامـا» حيث قال: أعمل لكي أؤمن مصاريف أسرتي المكونة من «9 أفراد»، وذلك لأن العائل الأساسي لهذه الأسرة متوفى، وأنا الابن الأكبر لها كما أن الظروف المعيشية الصعبة تحتم علي أن أقوم بهذا العمل.وأضاف: كون عملي يأخذ مني كل وقتي، فأنا لا أستطيع أن أوفق بين العمل والمدرسة، بالرغم من أن لدي الرغبة في التعليم؛ إلا أن هناك شيئـا آخر أهم يشغلني عنها، وهي «أسرتي»، لهذا أتمنى أن أتحصل على حقي في التعليم وتحقيق رغبتي في الدراسة.والسؤال الذي يطرح نفسه.. من المسؤول عن ضياع مستقبل هذه الشريحة المهمة في المجتمع.. الدولة أم الأسرة أم هي الظروف الصعبة التي تدفعهم إلى هذا المجال الصعب والخطير على حياتهم؟؟؟