بالنظر للقيمة الحيوية والاقتصادية والوطنية القصوى والعالية الشأن والأهمية التي تحتلها الموانئ البحرية على مختلف المستويات والأصعدة الخدمية والإنتاجية في حياة الدول والشعوب وبالمقارنة مع بقية المرافق الأخرى الأدنى قيمة والأقل أهمية منها ..فإنك لن تجد بين الموارد البشرية أو القوى العاملة التي تتولى عملية ومهام الإنتاج فيها عمالا تجرعوا من مرارة الظلم وغصص الحرمان وسموم التهميش ومصادرة الحقوق على يد الجهات المستفيدة منهم أو التي يفترض أن تكون معنية برعايتهم وإدارة شؤونهم كتلك التي تجرعها ومازال يتجرعها على أيديهم منذ سنوات وعقود طويلة عمال ميناء عدن للشحن والتفريغ دون سواهم ولم يحظوا خلالها بأي نصيب مما ينبغي أن يحظوا به من قبلها عن جدارة واستحقاق لا مراء فيه من الرعاية والاهتمام وان لم يكن ذلك مهما بلغ مستواه كافيا لمكافأتهم ورد الجميل إليهم وتكريمهم عما قدموه وظلوا يقدمونه لليمن شعبا وحكومة من الخدمات والجهود الوطنية العظيمة , ومع ذلك فإنهم لم ينالوه كأقل ما يجدر بمثلهم أن ينالوه من باب التشريف والاعتراف بهم كعمال لا من باب الحق الذي لم ينتظروه منها مقابل كل قطرة عرق ساحت من مسامات جلودهم وجباههم واختلطت بالبحر حتى كادت أن تناصفه في منسوب الملوحة والماء...كما انك لن تجد بين بقية الدول التي تمتلك موانئ بحرية في مياهها الدولية دولة واحدة في العالم تهتم وتعتني بعمالتها ومواردها البشرية العاملة بأي مجال من مجالات الإنتاج الأخرى فيها أكثر مما تهتم وتعتني بصورة استثنائية بعمالتها ومواردها البشرية العاملة في موانيها ماعدا اليمن البلد الوحيد على خارطة العالم الذي انفرد بذلك دون الجميع بل وتفوق فيه حتى على أكثر البلدان التي اشتهرت بالفساد والتسيب في العالم..فهل ورد إلى مسامعكم من قبل علم عن دولة أو حكومة سواها قد فعلت ذلك مع عمالها أينما عملوا من سابق وان حدث ذلك في حالات نادرة وقليلة جدا مع البعض منها فمن المستبعد حسب تقديري وتصوري بأنه قد امتد ليطول العاملين في موانيها على وجه الخصوص حتى ولو لم تكن بعض هذه الموانئ تتمتع بأي مقدار من الأهمية الدولية والإستراتيجية التي ينبغي أن يتمتع بها ميناء عدن لاعتبارات كثيرة لا يجهلها احد لم يعد يتمتع بها كما كان يتمتع بها قديماً كثاني ميناء في ترتيب قائمة مجموعة الموانئ الأكثر أهمية في العالم ...غير أن ذلك كما يبدو لم يكن قمينا ليشفع لهؤلاء العمال ويعتق رقابهم مما أصابهم ولحق بهم من الغبن والضيم والكد والحرمان والإهمال طوال سنوات وعقود عملهم فيه ولربما كان ذلك واحدا من الأسباب التي أفقدته تلك الأهمية وجعلته يخسر سمعته التاريخية ويتراجع عن مكانته الدولية كواحد من أهم الموانئ التي تتميز بموقعها الاستراتيجي والطبيعي الفريد على معظم الموانئ.ولسنا هنا بصدد التفصيل بالكتابة حول الأهمية الإستراتيجية لميناء عدن وسمعته التاريخية بعد أن خسرهما لسبب أو لأخر إذ لا أظن أن ثمة من يجهل ذلك وإنما لم نجد بدا من ضرورة التطرق إليها بهذه العجالة تمهيدا للخوض في قضية أخرى ذات علاقة طردية وثيقة به ولم يكن بوسعنا أن نتناولها ونميط الستار عنها ونستوفي شروط التحقيق فيها دون أن نستهلها بهذه المقدمة وصولا لكشف بعض من جوانب الصورة المظلمة التي تغطي الواقع المؤلم والمتدهور الذي يعيش فيه عمال الشحن والتفريغ بميناء عدن عسى أن نسهم من خلف ذلك في التعبير عن معاناتهم وهمومهم ورفع الظلم الجاثم على صدورهم وإخراجهم من بوتقة التهميش والنسيان التي نصبها لهم النظام السابق خلال سنوات حكمه إلى فضاء العناية والاهتمام الذي استبشروا بأن يجدوا أنفسهم فيه بعد أن قامت ثورة التغيير وأسقطت أساطين الظلم والفساد ليجدوا أنفسهم بعد مرور أكثر من عام ونصف على قيامها وقد ازدادت ظروفهم وأوضاعهم بؤسا وسوءاً على النقيض مما تفاءلوا به فطالبونا بضرورة الكتابة عنهم وعن أحوالهم لعل الدولة الجديدة تنتبه إليهم وتسمع عويلهم وتصغي لأنينهم وتسارع لانتشالهم من مستنقع الإهمال والتجاهل الذي مازالوا غارقين فيه ..لتعمل على تعزيز صمود جماهير الكادحين وعموم فئات الشعب، والتوقف الفوري عن المس بمصالح الفئات المسحوقة، واعتماد سياسة اقتصادية تقوم على تعزيز حقوقهم وتخفيف الأعباء عنهم وعن الفئات المهمشة، وإلغاء الاستقطاعات غير القانونية وتحديد أسعار خاصة بهم تراعي ظروفهم وخدماتهم الجليلة في خدمات المحروقات والغاز، والكهرباء والمياه، والمواد الغذائية الضرورية مثل الطحين والأرز والزيوت والأدوية وغيرها، وإعادة النظر في العديد من الرسوم وحملات الجباية التي فرضت دون قوانين، تلك التي تزيد العمال فقرا وبؤسا، الأمر الذي يتطلب وضع قضية العمال وبالذات عمال الشحن والتفريغ بميناء عدن على سلم أولويات برامجها، والتوقف عن تجاهل حالة العاطلين عن العمل، والبحث عن حلول عملية تعينهم على مواجهة صعوبة الحياة.[c1]هامش لا بد منه[/c]في 7 /7 /2007م صدر حكم اللجنة التحكيمية للفصل في النزاعات العمالية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل بمحافظة عدن في الدعوى رقم (271) لسنة 2006م المرفوعة إليها من قبل ما يزيد عن (400) عامل من عمال الشحن والتفريغ بميناء عدن عبر مندوبيهم الموكلين من قبلهم بمهمة التقاضي والترافع نيابة عنهم أمامها ضد خمس شركات تجارية تمثل القطاع الخاص اندمجت في كيان ملاحي واحد فيما كان يسمي ((بالإدارة المشتركة للشحن والتفريغ)) التي وقعت في تاريخ 7 /9 /1997م مع الجهة المعنية بإدارة الميناء اتفاقا ثنائيا انتقلت بموجبه مسؤولية أعمال الشحن والتفريغ إليها لمدة عشر سنوات اعتبارا من ذلك التاريخ مع مهام وصلاحيات الإشراف على هؤلاء العمال وتشغيلهم بدلا عن شركة الملاحة الوطنية التي كانت تتولى القيام بهذه المسؤولية كجهة حكومية تمثل القطاع العام قبل أن تتخلى عن ذلك بهدف إفساح المجال وفتح باب المنافسة أمام القطاع الخاص وتشجيعه على تسيير هذا العمل في الميناء عوضا عن الدولة ,غير أن الدولة ممثلة بشركة الملاحة الوطنية التي أبرمت هذا الاتفاق معها لم تنظر كما تبين لاحقا لا بعين الاعتبار ولا بعين العطف ولا حتى بعين القانون لما يفرضه عليها الواجب الإنساني والأخلاقي والوطني تجاه هؤلاء العمال بالذات أكثر من أي واجب آخر ولم تكترث أو تأبه بما يعنيهم من الأمر ولم تراع أوضاعهم المهنية والنقابية ولم تضع في حسبانها أو تتخذ بشأنهم وقد قررت أن تبيعهم للقطاع الخاص أي إجراءات أو تدابير قانونية أو ضمانات تشريعية أو ترتيبات تنظيمية من شأنها أن تحدد وتحكم علاقتهم بهذه الشركات وتصون وتحفظ حقوقهم ومكتسباتهم المهنية والقانونية وتؤمن مستقبلهم العملي معها أو مع غيرها وتعالج مشاكلهم وإنما سلمتهم إليها كمن يسلم قطيعاً من المواشي الضالة للوحوش الكاسرة وتركتهم في مهبات الرياح العاتية فريسة سهلة وسائغة لمخالب الجشع والاستغلال و أنياب الابتزاز التي ظلت تمزق و تنهش أجسادهم السمراء من خلال هذه (الإدارة) التي اعتبرتهم ونظرت إليهم وتعاملت معهم كل هذه السنوات على أنهم عمال ((مؤقتون)) ولا ينطبق عليهم أي بند من بنود قانون العمل رقم (5) لعام 1995م والمعدل بالقانون رقم (25) لعام 1997م الساري مفعوله في البلاد على نحو تعمدت من ورائه أن تحرمهم من تلك الحقوق والمكتسبات التي اقرها وكفلها لهم هذا القانون باعتبارهم عمالاً لهم من الحقوق مثل ما عليهم من الواجبات سواء كانوا مثبتين أو مؤقتين وليس كما صنفتهم هي لتحتال على حقوقهم الشرعية والقانونية في مكافأة نهاية الخدمة وفي الحصول على الإجازات السنوية والتعويضات وتكاليف العلاجات اللازمة عن الإصابات والمخاطر التي يتعرضون لها في العمل أو بسببه مثلهم في ذلك مثل غيرهم من العمال في كل مكان تمهيدا لإنكارهم وحرمانهم منها لاحقا كما حاولت ان تفعل ذلك أمام اللجنة التحكيمية عندما زعمت في أقوالها المثبوتة بمحاضر القضية بان هؤلاء العمال لا يستحقون منها شيئاً مما ذكر أكثر من أجورهم اليومية رغم انها لم تتوقف خلال فترة عملها في الميناء عن الخصميات التي طالما ظلت تستقطعها منهم تحت بنود القانون بواقع 9 % بصورة يومية ولا توردها لصالحهم كما ثبت ذلك للجنة التحكيمية التي باشرت النظر فيما تضمنته دعواهم من المطالب والحقوق فأصدرت حكمها حيالهم في التاريخ المشار إليه سلفا الذي نص صراحة على عدالة قضيتهم ومشروعية مطالبهم واقرها لهم وأمر الإدارة المشتركة بقوة الشرع والقانون بتأديتها إليهم دون قيد أو شرط ولو استدعت الضرورة استخدام القوة المسلحة معها لإجبارها على ذلك.إلا أن الفترة المحددة الممنوحة لها بموجب ذلك الاتفاق لتشغيل الميناء انتهت بعد شهرين فقط من تاريخ صدور هذا الحكم لتنسحب الإدارة المشتركة من الواجهة وتغادر الميناء في موعدها كما قدمت إليه وتستغني عن هؤلاء العمال وترمي بهم بكل بساطة على قارعة الطريق كما يرمى العظم بعد أن يؤكل لحمه وتتوارى عن الأنظار قبل أن تقوم بتنفيذ هذا الحكم بما جاء فيه من قرارات صارمة.. ليجد هؤلاء العمال أنفسهم في متاهات الضياع لا يعرفون إلى أين يتوجهون ومع من يتخاطبون والى أي شرع ينتصفون لانتزاع حقوقهم المنهوبة من ناهبيها.. وعوضا عما كانوا قد استبشروا أن يحل بهم من الخير في أن تتحسن أوضاعهم المهنية وظروفهم العملية والمعيشية إلى الأفضل بعد رحيلها فقد قابلهم الحظ بما هو أسوأ وأمر مما مر بهم وانقضى عليهم من البؤس والشقاء حينما وجدوا أنفسهم مجددا مضطرين ومرغمين على العمل والتعامل مع شركات تجارية وملاحية أخرى كثيرة حلت محلها بعدما حصلت على تراخيص لمزاولة أعمال الشحن والتفريغ كلا على حدة في الميناء وتسنى لها المجال أكثر مما تسنى لمن سبقها في ممارسة الظلم والاستغلال عن طريق التنافس والمقاولة فيما بينها لتنفيذ هذا العمل على حساب مقدرات العمال وطاقاتهم العضلية وحقوقهم وأرزاقهم المعيشية دون أي ضوابط أو قيود تشريعية أو لوائح مهنية أو أخلاقية تنظم علاقتها بهم لتنفرد كل شركة من هذه الشركات بحريتها الكاملة في تشغيل وتوقيف وفصل من تشاء منهم بكل انتقائية ومزاجية ليغدو عرق هؤلاء العمال رهنا لمناقصات الظلم والجشع في أسواق الأنانية والربح يعبثون به كيفما طاب لهم العبث دون حسيب أو رقيب أو وازع من دين أو ضمير يردعهم لمجرد أن هؤلاء الناس يحتاجون إلى عمل يجنون من ورائه ما يسترهم ويسد رمقهم ويحفظ حياتهم من الفاقة والعوز هم وأهاليهم ولعل هذه هي نقطة الضعف التي باتت تستثمرها هذه الشركات.وللوقوف على تفاصيل الصورة وتقريبها للقارئ أكثر فقد كان لنا ونحن نقوم بهذا التحقيق الصحفي أن نجري بعض الحوارات مع عدد من هؤلاء العمال الذين وافقوا على نشرها في الوسائل الإعلامية بعد أن تعهدنا لهم وأبدينا استعدادنا الكامل أمامهم كأشخاص أن نبذل ما بوسعنا للوقوف إلى جانبهم ومساندتهم وتحريك قضيتهم لدى كل المحافل الحقوقية والقضائية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة وذات العلاقة إذا ما تعرضوا لأي أذى أو ضرر أو إجراء تعسفي بفعل ذلك وقد التقينا على مقربة من البوابة الرئيسية للميناء بالعامل مطيع عبد الواحد الشعبي بينما كان منصرفا منه في طريق عودته إلى البيت وهو يتصبب عرقا بعد يوم شاق وطويل قضاه أسوة بكثير من العمال سواه في العمل تحت هجير حرارة الشمس اللافحة التي تذيب الأرصفة وتشوي الجلود حيث رد علينا بعد هنيهة من الإطراق والصمت بلسان حاله قائلا ((لا تؤاخذونا أو تعتبوا علينا إن نحن ترددنا أو أبدينا تحفظنا من الخوض والتطرق لمسائل ترتبط مباشرة بمصادر رزقنا الوحيدة كهذه ..فانتم لا تدركون كيف تسير الأمور هنا وكيف تجري وتتم الوقائع، فنحن نعمل مع شركات لا تقيم لنا وزنا أو اعتباراً وتتعاطى معنا عن طريق الفوضى والعشوائية دون أي معايير عملية أو خدمية أو مهنية تطبقها علينا ويمكن أن نتعرض للفصل والتوقيف والحرمان من العمل معها في أي لحظة بسبب أو دون سبب، فلا يوجد من يحمينا هنا أو يدافع عن حقوقنا ، فلا إدارة الميناء تهتم ولا كيان نقابي يتلمس همومنا ويتحسس مشاكلنا فالنقابة التي كانت تمثلنا انتهت قبل أن تنتهي (الإدارة المشتركة للشحن والتفريغ)) التي عملنا معها لمدة عشر سنوات قبل أن ينتهي عقدها المبرم مع إدارة الميناء وترحل في العام 2007م ومعها مستحقاتنا ومكتسباتنا المهنية والقانونية التي حرمتنا منها ولم نجد من يقف معنا أو يناصرنا عليها ..أما فهيم عبد النور محمد سعيد الذي التقينا به في المكان نفسه أيضا وهو احد العاملين الذين يتبنون ويتحمسون لفكرة تأسيس نقابة تحميهم وتدافع عن حقوقهم وتنتصر لقضاياهم فقد قال ((إن حكم اللجنة التحكيمية للفصل في النزاعات العمالية الذي صدر بخصوص دعوانا المرفوعة إليها ضد ما كان يسمى ((بالإدارة المشتركة للشحن والتفريغ)) قبل شهرين من انتهاء الفترة المحددة لعملها في الميناء قضى هذا الحكم ضمن ما قضى به أن تقوم الإدارة المشتركة بتثبيت العمالة التي أمضت سبع سنوات وأكثر في العمل معها وبعدم شرعية وقانونية الخصميات التي ظلت تستقطعها بصورة يومية بواقع 9 %من أجورنا اليومية باسم القانون وإعادتها إلينا كما نص أيضاً على حقنا كعمال في الإجازات السنوية بما يعادل راتب شهر عن كل سنة خدمة معها ومثلها مكافأة نهاية الخدمة إلا أن الإدارة المشتركة لم تنفذ شيئا من هذه الأحكام، غير إننا لا نرى والحال كذلك ما يجعلنا نلقي باللوم على الإدارة المشتركة وحدها على ما أصابنا وما لحق بنا من الضرر أو نحملها المسؤولية بمفردها لنبرئ بذلك إدارة الميناء مما يفترض أن تتحمله من كامل المسؤولية عن ذلك بعد أن فرطت فينا وفي واجباتها القانونية والوظيفية والإدارية والإشرافية نحونا وورطتنا بالعمل مع هذه الشركات دون أن تلزمها بأي ضوابط أو لوائح إدارية أو مهنية أو نقابية أو تنظيمية تضمن حقوقنا وتكفل مكتسباتنا وتحقق مصالحنا وتصون جهودنا وطاقاتنا وترسم حدود علاقتنا الآنية والمستقبلية معها. وسواء رحلت الإدارة المشتركة للشحن والتفريغ ومعها حقوقنا أو لم ترحل أوجاءت شركات جديدة بدلا عنها أو لم تأت فان ذلك لا ولن يعفي إدارة الميناء بأي حال من الأحوال من مسؤوليتها الكاملة عنا وعن حقوقنا ماضيا وحاضرا ولاحقاً وعما آلت إليه أوضاعنا وظروفنا بسبب تقصيرها الواضح معنا بالذات حين أدرجتنا ضمن صفقاتها التجارية التي عقدتها مع هذه الشركات كسلعة كاسدة ينبغي التخلص منها وتصريفها بأي وجه كان لنصبح عرضة لعبث وتلاعب المستهترين بأرزاقنا كما حدث ذلك ومازال يحدث حتى الآن ...ويرى الأخ فهيم عبد النور محمد سعيد بأن هناك ترابطا بين تدهور أوضاع العمال ليس فقط في ميناء عدن وحده ولكن في كل مرافق العمل والإنتاج في الجمهورية ما اعتبره تراجعا في أوضاع الحريات فيها، حيث فسر أن ما يعوق حالة العمال من التطور هو غياب الحريات النقابية، بالإضافة لضعف الأجور وتدنيها الأمر الذي جعل العلاقة بين العمال وأربابهم تصبح علاقة إذعان ولا يوجد أي قانون يحكمها سوى حاجة كل طرف للآخر ..من بين المجموعات والثلل العمالية التي توزعت على المساحات الخالية القريبة من المدخل الرئيس للميناء بمديرية المعلا واتخذت منها مواقعاً للاستطلاع والترقب الذي يدوم على كل واحد من أفرادها لأيام وأسابيع في انتظار فرصة واحدة يقتنصها إذا ما سنحت له عن طريق الحظ أو المصادفة وليس عن طريق الدور والتناوب كما كان يفترض للعمل في الميناء لساعات مقابل ما قد يحصل عليه من المال الذي يساعده على توفير ما يحتاجه وأسرته من القوت الضروري للحياة..اقتحمنا إحدى هذه المجموعات لمعرفة همومهم حيث التقينا العامل ماجد نعمان مانع وهو شاب يعيل أسرة تتكون من ابنتين وزوجة وأبوين طاعنين في السن فقال:((في عهد الإدارة المشتركة للشحن والتفريغ التي أدارت هذا الميناء خلال عشر سنوات قبل أن ينتهي عقدها كان العمل يجري بصورة منظمة وعادلة تكفل للجميع فرص المشاركة بشكل متساو حيث كان يجري تنظيم العمال في تشكيلات مهنية بأعداد تستوعب كل القوى العاملة المسجلة لديها في كشوفات ويتم توزيع المهام فيما بينها وفقا لجدول زمني محدد لانجاز عملها عن طريق الدور والتناوب أما اليوم ومنذ استلام هذه الشركات لمسؤولية الشحن والتفريغ فقد اختلفت طبيعة العمل هنا وأصبحت الفوضى والعشوائية هي السائدة وأصبح بإمكان العامل الواحد أن يعمل مع أكثر من فرقة ومع أكثر من شركة بصورة تسببت باحتكار وتقليص فرص العمل لعمال معينين على حساب آخرين كثر من المستحقين الذين باتوا على ما تراه من واقع الحال تزدحم بهم طوابير البطالة و الانتظار واقتناص وتصيد الفرص الأمر الذي خلق فئتين من العمال فئة تحتكر فرص العمل وأخرى تظل تنتظر نصيبها وقد تحصل أو لا تحصل عليه في نهاية المطاف وأدى هذا لان تكون إحداهما مصدر تهديد للأخرى...إذ لا يتورع أرباب العمل والمشرفون على العمال عن طرد أي عامل ممن يعملون معها لأتفه الأسباب واستبداله بواحد آخر على وجه السرعة من عمال الفئة الثانية ما جعل العمال من الفئتين يستغنون ويتنازلون عن كثير من حقوقهم ومستحقاتهم ويفرطون في جهودهم وطاقاتهم ويقبلون بكل الشروط بفعل حاجة كل منهم للعمل .. وكما يقولون (( شيء أحسن من لا شيء، وقد ترافق هذا مع تزايد أعداد الوافدين على الميناء بحثا عن عمل وتراجع حركة الصادرات والواردات من والى الميناء وتدني أجور العمال وغياب العمل النقابي الذي يحتاجون إليه ..شخص آخر انتفض من بين الجميع متسائلا وقد بدا عليه اليأس والغضب (أين ذهب عبد ربه منصور هادي وأين تولى واعد باذيب وأين اختفى قادة أحزاب اللقاء المشترك وأين يقف الجميع منا؟؟ وماذا عن ثورة التغيير التي قيل بأنها أسقطت النظام وأطاحت بأفاعيه السامة..إلى أين وصلت وأين استقرت وانتهت ؟؟وأضاف أن الثورة التي لا تبدأ ولا تنتهي بتحقيق مطالب العمال وإصلاح أوضاعهم وتحسين ظروفهم ورفع مستوى معيشتهم لا تكون ثورة حقيقية قادرة على بناء المستقبل ...أفحمنا الرجل بهذه التساؤلات ولم نجد ما نرد به عليه أكثر مما أخبرناه به بأن من يملك الإجابة عنها هم وحدهم الذين ذكرهم و أشار إليهم فيها فلننتظر عسى أن يكون ذلك قريبا !.
أخبار متعلقة