رسخت النزعة الدينية في فنها
القاهرة/14 أ كتو بر / مشيرة عكاشة:لم تكن نحلم يوما أن تكون ملكة إلا أن الأقدار توجتها على عرش الفن ثم عرش مصر بعد أن اختارها الملك فاروق زوجة له .. الملكة فريدة، التشكيلية التي جعلت خلودها بما ابدعته من لوحات فنية يغلب عليها الطابع الديني ، فكانت أول من رسم لفظ الجلالة في لوحة زيتية ليتناقلها بعدها الفنانون ورغم زوال عرش مصر عنها بعد ثورة 23 يوليو 1952 إلا أنها ظلت متربعة على عرش الفن بفضل إحساسها المرهف·تقول الفنانة التشكيلية د.لوتس عبدالكريم وهي إحدي صديقاتها في كتابها “الملكة فريدة” كانت دائماً تشعر إنها فنانة موهوبة ورسامة غير نمطية أقامت العديد من المعارض في قاعة “شموع” كانت تؤمن بخلود الفن على اعتبار أن الملك والتاج يزولان وقد خلعت بيديها التاج الملكي وهجرت العرش والتراث في سبيل الكبرياء.وأضافت: الملكة فريدة كانت تزعجها الأصوات العالية والكلمات النابية والموسيقي الرخيصة والأغاني القبيحة والألوان الصارخة وكانت تحب النظام والدقة والانضباط إلى حد الوسوسة، وتحب الموسيقى الكلاسيكية والألوان الهادئة وكانت ذات حس مرهف وذوق رفيع وثقافة وذكاء حاد وشفافية وحدس لا يخيب.وأوضحت د.لوتس إنها تحب الأصالة والبساطة وترفض الكذب والنفاق وقليلة الثقة بالناس، وذات نزعة روحانية عميقة وزهد وإيمان راسخ بالله سبحانه وتعالي، وتحيط بيتها وكتبها وملابسها بالمصاحف والأدعية والتعاويذ، ورسمت لفظ الجلالة في لوحاتها كثيراً بصور شتى، وكانت تقول: أنا أول من رسم لفظ الجلالة وبعدها قلدني الكثيرون.وأشارت إلى أن الملكة فريدة عاشت فترة طويلة من المعاناة الشديدة خاصة في الفترة السابقة لموتها وحين اشتد عليها العرض كان يحملها الخدم بالكرسي إلى معرضها أو مرسمها فالملكة فريدة دفعت أخطاء الملكية حتى بعد طلاقها من الملك فاروق وكان لها رأي خاص في الملك فاروق بعد طلاقها منه فكانت تقول لا أحد يعرف فاروق كما عرفته، وكل الناس أساءت به الظنون لقد كان طيبا وكريما ونقيا وكان ضحية من يملأون القصر وكنا أطفالا بجانبهم ولا أدنى خبرة لنا بالحياة، ولم يكن تهوراً مني طلب الطلاق، ولكني كنت طفلة لا أبصر النتائج وفاروق لم يكن يريد الطلاق لكنهم أجبروه على توقيع الوثيقة.وذكرت د.لوتس أن الملكة فريدة كانت دائما تقول: كما أرغم الملك فاروق على تطليقي أرغمت أنا أيضاً على إرجاع هدايا الزواج، التاج والعقد والكثير من أشيائي وبعد ذلك رحل فاروق ومعه الأميرات وبقيت أنا وحدي في قصري حيث بدأت رحلتي مع الفن ومع العذاب.وشددت على أن الملكة فريدة كانت فنانة أصيلة على درجة عالية من التذوق العلمي والفني، كانت كلما سمعت عن ظهور كتاب بالإنجليزية أو الفرنسية في الأسواق سارعت إلى الحصول عليه وكانت تقول: أتمنى أن أتعلم اللغة العربية تماما كما تعلمتها الدكتورة نعمات أحمد فؤاد، وكانت تحب “جويا وفان جوخ” ولكن عشقها الأكبر هو تولوز لوتريك الذي بدا أثره في لوحاتها.[c1]بورتريهات[/c]ومن جانبها أكدت ياسمين حفيدة الملكة فريدة أن جدتها كانت تحب مصر حباً شديدا حيث عاشت فيها لسنوات طويلة حتى بعد إقصاء ملك مصر السابق فاروق بعد ثورة يوليو، مشيرة إلى أنها بدأت برسم البورتوريهات ثم انتقلت إلى رسم المشاهد الطبيعية لمصر في الستينيات وجسد النيل والريف المصري معظم لوحات الملكة السابقة الموقعة بحروف العائلة الملكية المصرية “ف ف” وتميزت لوحاتها بإنها ترسم المكان وكأنه عن بعد مما يترك للمشاهد الفرصة لأن يسبح بخياله مع اللوحة.أما الفنانة التشكيلية رشيقة صبحي، فأكدت أن الملكة فريدة كانت فنانة تتمتع بإحساس عال ولم تكن تنتمي لمدرسة معينة في الرسم فلا لوحاتها سريالية ولا هي تجريدية أو حتي تعبيرية، فكانت تنقل الإحساس الذي تشعر به موضحة أنها سبق وأن شاهدت لها العديد من المعارض التي أقيمت في مصر في حي المعادي، حيث كانت تحرص دوما على إقامة معارض سنوية في بلدها وكانت لوحاتها في الغالب تعكس الأوضاع الاجتماعية والظواهر السلبية التي تمر بها مصر.وأشارت إلى أنه غلب على لوحات الملكة فريدة النزعة الدينية إضافة إلى تلك اللوحات التي نقلت فيها الواقع بكل ما يحدث فيه مؤكدة أنه برحيل هذه الفنانة المصرية فقدت حركة الفن التشكيلي العربي فنانة حساسة نحترم فنها حيث حرصت لآخر يوم في حياتها على التواجد بالمرسم الخاص بها حتى ولو ذهبت إليه محمولة علي كرسي خشب.جدير بالذكر أن الملكة فريدة أقامت 13 معرضا في باريس وحدها كما عرضت لوحاتها في معارض في نيويورك وكليفلاند وهوستن، إضافة إلى حرصها على إقامة معرض سنوي للوحاتها في مصر، وتوفيت عام 1988 بعد معاناة طويلة مع المرض ودفنت في مصر بناء على وصيتها.