عراقيان يتفقدان شاحنة محترقة عقب هجوم بقنبلة في بغداد اول امس الخميس
الموصل/14 أكتوبر/تيم كوكس: كان فلاح محمد يتطلع بعيدا وهو يتحدث عن تهديد المتشددين له ولأسرته بالقتل ما لم يترك وظيفته الحكومية. وقال محمد وهو حارس سابق في مدينة الموصل في شمال العراق «بعد خطاب التهديد الثالث لم أجد أن الأمر يستحق المخاطرة فتركت عملي.» وأضاف «المقاتلون أشاعوا الخوف الشديد في هذا المكان.» ويقتل مسئولون ورجال أمن على يد مسلحين كل يوم تقريبا في الموصل التي يقطنها 1.8 مليون نسمة والتي مازالت تجاهد للسيطرة على عنف المسلحين في حين تتمتع بقية أجزاء العراق بأفضل وضع أمني منذ سنوات. وتراجعت الهجمات في الموصل ومحافظة نينوى منذ أن كثف العراق هجومه على تنظيم القاعدة السني ومقاتلين آخرين في مايو أيار الماضي. فازدحمت الأسواق وزادت حركة المرور. لكن السكان يقولون إن الخوف مازال جاثما على الموصل وهي بوتقة قديمة انصهرت فيها الجماعات العرقية والطائفية. وقالت نسرين مصطفى ربة بيت «الناس هنا خائفون جدا... كنا نسمع الانفجارات قبل العملية ومازلنا نسمعها حتى الآن. فما الذي تغير؟» ويقول مسئولون من الجيش الأمريكي إن الهجمات تراجعت من نحو 130 هجوما أسبوعيا قبل مايو إلى نحو 30 هجوما أسبوعيا في نينوى في يوليو قبل أن تزيد مرة أخرى إلى ما بين 60 و70 هجوما أسبوعيا. وقال الميجر ادم بويد ضابط المخابرات العسكرية الأمريكي بالموصل «إنها هجمات مثل إطلاق النار من سيارة عابرة على رجال شرطة عراقيين.» وأضاف «هناك حملة ترويع (ضد)... قوات الأمن العراقية... لإثارة الشعور بعدم الأمان بين السكان.» وقبل أسبوعين حاول المسلحون قتل اللواء رياض جلال توفيق قائد العمليات العسكرية في نينوى بقنبلة على الطريق. وقتل اثنان من أساتذة جامعة الموصل في الأشهر الثلاثة الماضية. وتجوب دورية عسكرية أمريكية شوارع الموصل عابرة شارعا رئيسيا مدمرا لا يقف فيه مبنى سليما. فكتل الخرسانة المحطمة من الأسقف تتدلى فوق الجدران المدمرة. والأنقاض متناثرة في الشوارع. والمركبات تعبر جسرا على نهر دجلة وسط رائحة الصرف الصحي التي تزكم الأنوف. لكن كما اتضح من تجربة محافظة الأنبار فإن حتى أكثر المناطق عنفا في العراق يمكن أن يتغير حالها. وكانت محافظة الأنبار الصحراوية تحت سيطرة المسلحين منذ 2006 لكن هذا الشهر سلم الجيش الأمريكي السيطرة الأمنية عليها للقوات العراقية بعد أن انضم شيوخ قبائل سنية لصفوف الجيش في طرد تنظيم القاعدة من المحافظة. ولا يتوقع المسئولون الأمريكيون أن يتحقق نصرا مثل الذي حدث في الأنبار بسهولة في شمال العراق حيث السكان خليط من السنة والشيعة والعرب والأكراد والتركمان والأكراد اليزيديين والمسيحيين الأشوريين. على عكس الأنبار التي تقطنها أغلبية ساحقة من المسلمين السنة. وقال اللفتنانت كولونيل روبرت موليناري ضابط عمليات الجيش الأمريكي في الموصل «الحوار في الانبار بين شيوخ مستعدين لتنحية خلافاتهم جانبا.. كان من أسباب نجاحهم هناك.»، وأضاف «لا نرى ذلك هنا في نينوى. الحكومة المحلية غير مستعدة لمثل هذا النوع من الحوار.» والافتقار للثقة بين العرب المكون الرئيسي لقوات الشرطة وبين الأكراد الذين يشغلون أغلب المناصب العسكرية يعطل عمل المخابرات. وفي مكتب حار رطب به مروحة واحدة حيا ادم كانون الكابتين بالجيش الأمريكي اثنين من ضباط الجيش العراقي بلغتهما الكردية ثم سلمهما قائمة بالمشتبه أن يكونوا من المسلحين. لكن الرائد جاهر باهوالدين قال أن هناك مشكلة وهي أن نسبة ضئيلة فقط في المناطق السنية العربية هي الراغبة في فتح حوار. وقال «أنهم لا يساعدوننا... أنهم يفضلون عدم التعاون مع الأكراد. نحاول أن نبلغهم إننا هنا لنخلي المنطقة من المسلحين. وحتى عندما يرغبون في المساعدة فإن خوفهم يمنعهم من الحديث.» وقال كانون إن ضباط الجيش الأكراد لا يثقون بالعرب ولا يتبادلون المعلومات مع الشرطة. ويحتفظ العديد من الأكراد بذكريات سيئة عن القمع الذي مارسه الرئيس الراحل صدام حسين عليهم في الثمانينات من القرن الماضي. وفي نهاية الأمر يقول الضباط إن النجاح سيعتمد على إنعاش الاقتصاد في هذه المدينة المدمرة التي تمتد أمام الجدران المحطمة لمدينة نينوى الآشورية القديمة. فالعاطلون يسهل اجتذابهم إلى الجماعات المسلحة والسكان كاد صبرهم ينفد من بطء إيقاع إعادة البناء. وقال سعد محمد رشيد الجندي السابق في جيش صدام والذي يدير متجرا الآن «هناك الكثير الذي يتعين إصلاحه وهم لا يفعلون ذلك... تنقصنا المياه والكهرباء. لم نعد نكره الأمريكيين بل ينصب غضبنا على الحكومة.»