(ارحموا تُرحموا) هكذا يجب أن نلقن أولادنا منذ نعومة أظفارهم (فمن لا يرحم لا يُرحم) نشدد على كلمة الرحمة حتى لا يتربى أولادنا قساة غلاظ القلوب، فإذا ما ربيناهم على الرحمة فنحن أول من سنجني نتائج هذه التربية الحسنة وإذا ما ربيناهم على عكس ذلك وأهملنا أن نغرس في قلوبهم الرحمة فسنكون أول من يعاني وأول من يحصد المر. عندما أرى بعض الأطفال والشباب وما يفعلونه في الشارع اجزم يقيناً بأن هؤلاء لم يبذل أهلهم أدنى جهد أو نصيحة أو موعظة عما يجب أن يفعلوه وما يجب ألا يفعلوه خارج منازلهم، كما أن بعض الأهل لا يكلفون أنفسهم حتى مجرد النظر ومراقبة ما يفعله أولادهم في الشارع ليس خوفاً على من سيسيئون له بل على الأهل التأكد من أن لا يسيء إليهم أحد، أو أن يتعرضوا لشيء ما.
فهل من المقبول لدينا أن نرى أطفالاً وشباباً يطارد ون بعض المشردين ويرمونهم بالحجارة حيثما ذهبوا، وينعتونهم بنعوت قد توصلهم فعلاً إلى حالة الجنون ولا يجدون إلا فيما ندر من يحاول ردهم عن عملهم هذا، أو أن ترى أطفالاً وكباراً يطاردون حيواناً ما ويرمونه بالحجارة ولا يكادون يلتفتون لمن يحاول ردهم عن هذا العمل اللا إنساني، أو أن ترى أطفالاً يحرقون غراباً ويهللون فرحين وهم يرونه يقفز من الألم والحرقة، أو أن ترى أطفالاً وقد أمسكوا بكلب يطلونه بالطلاء.
هل يتحمل هؤلاء الشباب والأطفال تبعات أعمالهم أم يتحمل الأهل تبعات هذه الأعمال اللا إنسانية التي يفعلها هؤلاء دون التفكير حتى في تبعاتها أو مدى إساءتها للغير أناساً أو حيوانات، أو حتى الأهل في بعض الأحيان. من لا يجد من يوجه ويقوم سلوكه صغيراً، أو حتى كبيراً ماذا يفترض به أن يكون؟ لم يعد هناك من يوجه الأطفال ولا الشباب، ولا حتى الكبار إلى ما يجب أن يفعلوه فإن وجدوا في بيئة جيدة تطبعوا بطباعها وإن وجدوا في بيئة سيئة نالت منهم ونالوا منها. الكل عائش حالة ضياع لا يشكر لا الأهل ولا الدولة عنها، وعلى الجميع تكثيف الدروس والبرامج الموجهة لتربية النشء سواء كانوا صغاراً أو كباراً، أولاداً أو بنات أو حتى نساء ورجالاً ليس منا من لا يحتاج إلى الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وإلى دروس وعبر في الحياة، والأمثلة الحية موجودة في حياتنا ومن حولنا وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى وعلينا فقط أن نتمعن فيها ونأخذ العبر منها، أو أن يوجهنا الغير إليها لنتعلم منها. استغلوا حياة الكبار والصغار بما هو مفيد ويؤلف بينهم لا بما هو مضر ويفرقهم.