وحقيقة لست الوم الناس على تشاؤمهم وتخوفهم من تحول اليمن إلى عراق جديد فما عانيناه خلال السنوات الأخيرة الماضية من تفجيرات واغتيالات وعمليات إرهابية وما يتردد من أنباء عن إبطال عبوات ناسفة مزروعة هنا وهناك أو القاء القبض على أشخاص يحملون قنابل وغيرها من أنواع المتفجرات كل تلك الأشياء من شانها إثارة الفزع والخوف في نفوس الكثيرين وتجعلهم يتوقون وانا معهم إلى أيام من الهدوء والاستقرار بعيدا عن العنف والقتل والدمار الذي أصبح هاجساً يؤرق اليمنيين ويقض مضاجعهم، بيد ان هناك سؤالاً يلح في ذهني كثيرا كلما سمعت عن إقدام احدهم على القيام بعمل انتحاري أو تفجير إرهابي يقتل فيه المرء نفسه وآخرين معه لا يعرف شيئا البتة عنهم فقط لان الأوامر صدرت لهم بتنفيذ هذا العمل او ذاك ضد المختلفين معهم في الرؤى والتوجهات السياسية وهو: هل القتل وإزهاق الأرواح عملية سهلة إلى تلك الدرجة ؟؟.
قد يقول البعض ان من يقوم بتلك الأفعال أناس يمرون بظروف معيشية صعبة وان هناك من قام باستغلالهم الا اني ارفض ذلك التبرير لاعتقادي بان الكثير من اليمنيين يمرون بظروف صعبة فهل يعني هذا ان يسمحوا لآخرين باستغلال ظروفهم ومحو تفكيرهم؟ فالعقل نعمة منحه لنا الخالق فان لم يتم استخدامه للتمييز بين الحق والباطل فمتى سيتم استخدامه؟ .
صراحة اعتقد ان من يقوم بتلك الأفعال الإجرامية اناس كارهون لأنفسهم إلى أقصى حد نعم ان من يقوم بتلك الأفعال لا يكون كارها للآخرين فقط او تمت تعبئته بطريقة تقوم على كراهية المعارضين بل هو شخص كره نفسه بالمقام الأول حتى هانت عليه فاختار لنفسه ميتة بشعة لأنه لو كان محبا لنفسه لأحب الحياة بكل ما فيها واحب من حوله لان الحب كما يقولون يعيد تشكيل ذواتنا من الداخل ويجعلنا نرى الحياة من زاوية أجمل حتى وان تكالبت علينا الظروف والاهم من ذلك انه يجعلنا قادرين على الصفح عن زلات الآخرين وإيجاد مبرر لما يقومون به قبل التسرع في إصدار الأحكام.
أما أولئك الذين يساورهم القلق والخوف مما ستؤول إليه الأمور بعد اختتام مؤتمر الحوار الذي يوشك ان ينهي أعماله خلال الأيام القريبة القادمة وعن عدد الأقاليم التي سيتم الإعلان عن تشكيلها وقبول بعض الجهات بها أو تحفظ البعض عليها أو رفض البعض الآخر لها جملة وتفصيلا فهو ايضا له مبرراته خاصة واننا شعب لا يعرف كيف يدير فيه الفرقاء خلافاتهم فان لم يتم اللجوء للقتل لجأنا إلى السب والشتم وإلقاء تهم الخيانة والعمالة بوجه كل من يعارضنا .
هذا إذا تحدثنا عن اليمن بشكل عام أما إذا تحدثنا عن عدن هذه المدينة التي تعيش فينا أكثر مما نعيش فيها فاعتقد إننا إذا نظرنا إلى تاريخها وما شهدته من صراعات ومماحكات بين اطراف ينتمون إلى اتجاهات سياسية متباينة فانه يكفيها ما مرت به هي وأهلها من أحزان أثقلت كواهلهم فلا تكاد تمر أزمة سياسية في البلد الا ويكون من بين أبنائها قتيل او مفقود او مصاب ولا يكاد أهلها يتعافون من أزمة ويستبشرون خيرا بقادم الأيام حتى يجدوا أنفسهم أمام أزمة جديدة تخطف أبناءهم وكأنها موعودة بالحزن والأسى ويتمنون لو ان الحظ العاثر يفارق دربهم ويعيشون بعيدا عن القتل والدمار .
متى سيدرك المتناحرون والمختلفون بالرؤى والتوجهات ان هناك طرقاً اسلم وامثل لإدارة خلافاتنا وإننا إذا تخلينا عن مشاعر البغض والكراهية وحاولنا ان نتقبل اختلافنا مع الآخرين بنوع من الحب فانه سيكون بمقدورنا ان نغير واقعا مأساويا نحو الأفضل والاهم من ذلك ان نتعلم حب هذا الوطن الذي نعيش والمدينة التي ننتمي إليها وتكون أقصى غايتنا انتشالها مما هي فيه إلى واقع أجمل تستحقه بحكم ماضيها العريق ونستحقه نحن كذلك كمواطنين نعيش على أرضها وتظللنا سماؤها.