بيروت / 14 أكتوبر / رويترز: تخطى زعماء لبنانيون واحدا من خلافات طائفية كثيرة في بلادهم من خلال وقف القتال في طرابلس لكن لا يزال عليهم القيام بخطوات نحو مصالحة سياسية أوسع نطاقا لتعزيز استقرار البلاد.ويهدف التفاهم الذي وقع في مدينة طرابلس الواقعة بجنوب لبنان إلى وقف الاشتباكات بين السنة والعلويين التي أسفرت عن مقتل 22 شخصا منذ يونيو حزيران وتسببت في نزوح المئات.وكان القتال متصلا بصراع مطول بين فصائل مدعومة من قبل سوريا وأخرى معارضة لنفوذها في لبنان. وبلغ هذا الصراع ذروته في مايو أيار حين سيطر حزب الله الشيعي لفترة وجيزة على بيروت مما زاد هوة الانقسامات الطائفية اتساعا ودفع البلاد إلى شفا حرب أهلية.وعلى الرغم من تشكيل حكومة وحدة وطنية منذ ذلك الحين استمرت التوترات ويعود هذا جزئيا الى أزمة في العلاقات بين سوريا والسعودية أحد الداعمين الرئيسيين لتحالف لبنان المناهض لدمشق.ويقول منتقدون لاتفاق طرابلس الذي وقع يوم الاثنين انه ربما يكون قد أوقف العنف في طرابلس لكنه لا يعالج الخلافات السياسية الأوسع نطاقا أو يتعامل مع مطالب بنزع سلاح الميليشيات.ويرى ساطع نور الدين الكاتب بجريدة السفير أن تفاهم طرابلس يفتقر الى أي جدية.وتابع أن التفاهم لم يذكر شيئا عن الحاجة الى التخلي عن السلاح وأضاف أن ما من أحد يستطيع أن يقول انها نقطة تحول بل هي هدنة.ولا يزال على زعماء السنة والشيعة المتحالفين مع دول متنافسة التغلب على مشاعر عدم الثقة مما يؤدي الى توتر العلاقات الطائفية في بيروت وأماكن أخرى. ومما يزيد القابلية لحدوث اضطرابات حذر ساسة من تدفق أسلحة على الشمال.وعبرت سوريا التي يحكمها علويون والتي هيمنت على لبنان حتى عام 2005 في الاسبوع الماضي عن قلقها البالغ بشأن النشاط الاسلامي المسلح في طرابلس واتهمت السعودية بشكل غير مباشر بدعمه. وتسلط هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس السوري بشار الاسد الضوء على مخاوف خصوم سوريا ومن بينهم الزعيم السياسي المدعوم من السعودية سعد الحريري بأن دمشق قد تستغل انعدام الاستقرار في الشمال كذريعة للتدخل مرة أخرى في لبنان.وقتل السياسي الدرزي صالح العريضي يوم الاربعاء بينما كان يسير بسيارته في قرية بيصور شرقي العاصمة اللبنانية بيروت في انفجار سيارة ملغومة وأصيب ثلاثة اخرون. وينتمي العريضي لفصيل مؤيد لسوريا.وتوسط الحريري وهو سني في اتفاق طرابلس ومن بين الموقعين عليه علويون لهم صلات وثيقة بسوريا.ويقول مصباح الاحدب وهو سياسي من طرابلس وينتمي لكتلة الحريري البرلمانية ان هذه ليست مصالحة او حلا. واتهم حلفاء سوريا باذكاء العنف في المدينة وتابع أن المصالحة تحدث حين يكون هناك احتمال بالتخلص من الميليشيات المسلحة.وعلى الرغم من العيوب التي تشوبه يعتبر المتفائلون هذا الاتفاق خطوة على الطريق نحو مصالحة أوسع نطاقا هناك حاجة ماسة اليها للقضاء على امكانية تفجر المزيد من أعمال العنف مع اقتراب البلاد من انتخابات برلمانية تجري العام القادم.ويأمل اللبنانيون في أن يساعد حوار وطني دعا الرئيس ميشال سليمان الى بدئه في 16 سبتمبر ايلول في هذا الاتجاه خاصة من خلال الجمع بين الحريري وحزب الله الذي هزم أنصار الزعيم السني أثناء سيطرته على بيروت في مايو ايار.ولم يقبل الحريري بعد عرضا بعقد اجتماع مع زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله الذي سيمثله نائب له على مائدة الحوار لأسباب أمنية.ولدى سؤاله عن احتمالات لقاء نصر الله أجاب الحريري يوم الثلاثاء قائلا انه لا يعارض الفكرة وتابع أن كل شيء يتم في الوقت الصحيح.ويعتقد الكثير من المراقبين أن الموعد سيتحدد في الرياض وليس بيروت. وحتى اذا عقد هذا الاجتماع يرجح أن تستمر مشاكل المملكة مع سوريا وحليفتها ايران الراعي الرئيسي لحزب الله في التأثير على لبنان بالمستقبل القريب. وصرح دبلوماسي بأن “العلاقات بين سوريا والسعودية سيئة للغاية. على الصعيدين السياسي والشخصي تبدو امكانية تغير هذا الوضع ضئيلة”.وأشار سركيس نعوم الكاتب بجريدة النهار اللبنانية الى أنه من الواضح أن هناك حربا بين السعودية وسوريا وأن لبنان هو مسرح هذا القتال. وأضاف أنه لا يتوقع أن تتخلى السعودية عن المنتمين لمعسكرها وكذلك الحال بالنسبة لسوريا وايران.