كلمة الشباب .. كلمة رنانة.. تحمل في جوفها الحيوية والنشاط. فالشباب هم صمام الأمان, وقوة الأوطان, ووقود التغيير. ويجب أن ننظر إليهم نظرة إعجاب وإكبار لما يحملونه من مقومات وإمكانيات، وإحساسهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم وبلادهم من خلال العمل والإنتاج والإبداع, لا أن ننظر إليهم نظرة احتقار أو نعتبرهم مشكلة يجب تخفيفها أو إشغالها بالملهيات.ودائما ما نسمع الكل - كل راع في هذه البلاد - يتغنون بالشباب وطاقاتهم, لكن الواقع عكس ذلك, فالشباب اليوم يشهد قلة اهتمام من الحكومة والمؤسسات الحكومية, إما لأن قيادات هذه المؤسسات تجهل أهمية طاقات وقدرات وطموح الشباب وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه, أو لأنهم يخافون على أنفسهم وأقربائهم وأتباعهم في نفس المرفق من التغيير والتجديد نظرا لقوة الشباب القابلة للتكيف مع كل المتغيرات. للأسف, فالأجواء داخل المؤسسات الحكومية تفتقد للتخطيط الواضح والسياسات الإستراتيجية والرؤية المستقبلية السليمة للتعامل مع أعظم ثروة في بلادنا وهي الشباب, بل نجد فيها سياسة يتبعها أفراد (بعدد الأصابع) تهدف لتحطيم طموح الشباب وعدم المبالاة بحقهم في العيش الكريم, وتهدف أيضا لشغل أوقاتهم وأذهانهم بالسعي فقط وراء التوظيف, بعيدا عن التفكير في كيفية تنمية قدرات الكادر الشبابي وتطويرها واستغلالها ليكونوا قوة حقيقية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء. ومن الأسباب الرئيسية - من وجهة نظري المتواضعة- التي أدت إلى ضياع طاقات الشباب وعدم استثمارها بالشكل الذي يعود نفعا على الشاب نفسه وعلى أداء المرفق الحكومي وبالتالي الوطن هو ما يسمى بالتعاقد!! فمن المعروف أن التعاقد يضمن لك التوظيف الحكومي الذي سيسهم كثيرا في بناء مستقبل الشباب, لا أن يكون (مبيدا) يتم عن طريقه تصفية طاقات الشباب وحماسهم وهدر أوقاتهم الثمينة وذلك من خلال الوعود الكاذبة بالتوظيف خلال فترة بسيطة, فيجد الشاب عمره يجري أمامه والتوظيف لم يأت بعد, وتجد الشاب يصبر الخمس والست وربما العشر سنوات في انتظار التوظيف, وقبل ذلك تجده قد صبر مثل هذه السنوات فيما يُسمى بالعمل بالأجر اليومي (متعاون / مساهم), وهذه مصيبة كبرى بحق الشباب!! فأنت أيها الوزير, وأنت أيها المدير, هل ترضى لابنك أن يكون متعاقدا في احد المرافق الحكومية لمدة تتراوح بين خمس وثماني سنوات وربما أكثر براتب قدره ثمانية آلاف ريال فقط؟! أو أن يتم التعاقد معه في مرفق حكومي براتب قدره 12000 أو 15000 ريال أو حتى 18000 أو 20000 ريال في ظل هذه الظروف القاسية؟!! وهل هذه الرواتب تفي بحاجات الشاب وطموحه؟! فإذا كانت هذه المبالغ هي رواتب المتعاقدين (كما نراه في عدن), فما بالكم برواتب الذين يعملون بالأجر اليومي (المساهمين والمتعاونين) من حملة الشهادات الجامعية الذين يصبرون تحت مظلة أمل التوظيف القريب (سهّان), مع العلم أن المرافق الحكومية في حاجة ماسة لهم!! ومن وجهة نظري أيضا, أن كل تلك الأشكال الزائفة في التعامل مع طاقات الشباب هي لكسب الوقت لتهدئة البراكين الشبابية, فالتعاقدات طويلة المدى والعمل بالأجر اليومي الضئيل جدا (مع أمل التوظيف مقابل الصبر) لا تسمح بتطوير قدرات الشاب وبالتالي تحرمه من بناء مستقبله بشكل سريع فيظل في عراك دائم مع الزمن. ليس هذا فحسب, بل أن المتعاقدين والعاملين بالأجر اليومي هم من يقومون بمعظم الأعمال في أي مرفق حكومي, إذن ألا يستحقون التوظيف؟!! فالشاب في المرفق الحكومي يتحمل مرارة العمل والذل والتوبيخ صابرا من أجل الوظيفة القادمة (مجهولة المصير), فيظل الشاب متخوفا أن يخسر هذه الوظيفة, والأكثر سوءا أن مدير المرفق أو أي مسئول فيه يتعامل مع هؤلاء المتعاقدين أو المتعاونين وكأن سوق العمل رفضهم وبالتالي قبلت بهم المرافق الحكومية متناسيا أن شباب عدن بالذات دائما ما يطمحون بالوظيفة الحكومية عند التخرج من الجامعات, ولهذا يرى هؤلاء المدراء والمسئولون ما يقدمونه من رواتب ضئيلة كأنها رواتب مناسبة لهؤلاء الشباب مقابل جهدهم في العمل!! طبعا, أنا لا أتحدث هنا عن أولئك الشباب - قليلي العدد - الذين يحالفهم الحظ بالتعاقد لمدة مؤقتة ومن ثم يحصلون على التوظيف الرسمي بطرق مختلفة إما بالمحسوبية والوساطة (فيتامين واو) أو بطرق أخرى (أنتم تعلمونها)!! بل أنا أتحدث عن كوادر وطنية تحمل شهادات جامعية وتم تأهيلها بشكل جيد وقضت سنوات طويلة في الدراسة حتى يتم تكريمها بالوظيفة الحكومية. وأخيرا, فإنه يجب استغلال حياة الشباب قبل موتهم, وصحتهم قبل سقمهم, وشبابهم قبل هرمهم. فالشباب سئم منكم يا سادة العمل وأنتم تقولون سنعالج قضايا الشباب!! يا ترى أي قضايا تقصدونها؟!! أليست مسألة توفير الوظائف الحكومية للشباب من أهم قضاياهم أم أن الشباب أصابهم الخرف عندما يطالبون بالتوظيف؟!! [email protected]
رفقا بالشباب يا سادة
أخبار متعلقة