في ليلة ظلماء وفي زمن مأزوم
كتب/سالم محمد حيدرةفي هذا الزمن المشحون بالمتناقضات .. والمراوحة العجيبة دون تقدم يذكر إلى الأمام قيد انملة .. تظل الأهداف والطموحات التواقة إلى الأفضل بعيدة المنال .. وتبقى مجرد حلم مثالي في وجداننا .. ومع ذلك تتفرعن صعوبات الحياة وتزداد تعقيداً بشكل عجيب ومركب ، وترمي بويلاتها وأثقالها على كاهل الإنسان البسيط لتقصم ظهره ولا يأبه له احد. وتضيف مع ذلك تزامناً فرص الترويج النفسي والفكري والثقافي .. لتلقي بظلالها على اخلاق الناس وقد توصلها الى حسافة الانهيار والتأزم .. فلا غرابة اليوم ان نجد الغبن .. والكآبة والضيم والاحباط تسيطر وتلازم اناساً كثراً بل ان حالات كثيرة وصلت الى مايشبه العزلة والانطواء او الانفصام . وكغيري من الناس وكفرد من هذا المجتمع ونسيجه ، لم اكن بمنأى عن تلك المعاناة ، ذلك ما افضيت اليه في ليلة سهاد وانا اتامل ما وصلت اليه حياتنا اليوم .. واصبت بخيبة امل واصابني ضيق كاد صدري ان ينفجر منه .. ، حينها وجدت نفسي اتلمس في مخزون كتبي علي اجد ما يساعدني على الخروج من هذه الدوامة الكئيبة .. فجاءت يدي على ديوان شعري للشاعر علي حيمد “ احلى ابتسامة” ... ولاني كنت في تلك اللحظة في اشد الاحتياج اليه.. تنحيت جانباً متوسداً مخدة على الارض وغرقت في ثناياه مبحراً في عالم جميل وبحق كان رفيقي وانيسي وجليسي في تلك الليلة الظلماء. وبالرغم من ان الديوان كان قد اهداني اياه اخي العزيز الشاعر علي حيمد في اكتوبر عام 2003م عند اصداره ، وقراته حينها .. الا انه وللامانة في ذلك الليلة كان له طعم ووقع خاص وتأثير في نفسي .. وكأني اقرؤه لاول مرة حيث خلق بداخلي شعوراً بدد غيمة الكآبة والضيق .. والضغوط وذهب يحلق بي بعيداً كاسراً طوق ذلك الحصار الذي اوقعنا فيه هذا الزمن الرديء المأزوم... ولعلي لا ابالغ بالقول بأن الديوان وبما تضمنه من قصائد غنائية قد جاءت في مفرداتها، وصياغتها، وصورها الشعرية وايحاءاتها الموسيقية / ومواضيعها مشحونة بالعاطفة الجياشة الصادقة .. يصدق المشاعر الانسانية وحب الآخر والتسامح .. وتفوح منها اصالة النفس البشرية وصفائها كما هي متجسدة عند الشاعر علي حيمد الذي عرفه الناس بها وتميز بها.. وكم يتجلى الوفاء بمعانيه النبيلة والاخلاص والسمو فوق الجراح بتسامح وطيبة نفس في كلمات ابن حيمد الشعرية. ذلك لانه كما عرفه الناس وعرفته شخصياً عن قرب بطبيعة انسان وفي في علاقاته مع من حوله والاخرين كما هو في وفائه وصدقه مع نفسه ووطنه وشعبه وقضاياه العادلة. في تلك الليلة استوقفني عدد من المحطات وانا اسافر في صفحاته على مهل .. واستدعتني الذاكرة لتدوين بعض من القصاصات لاستنتاجات وافكار كانت من بنات تلك اللحظة كتبها على عجل وجاءت حصيلتها في التالي: ديوان “ احلى ابتسامة “ جاء في (115) صفحة حملت على ظهرانيتها “75” قصيدة شعرية ... وبحسب الفهرسة نجد ان “ 45”قصيدة منها قد لحنتا وتغنى بها عدد من الفنانين من اجيال ومدارس فنية مختلفة في الوسط الغنائي .. وهذا ما يميز هذا الديوان وشاعره بحضوره الفعلي والمؤثر في الوسط الغنائي .. ولعل ما اورده الفنان القدير عصام خليدي ليس مبالغاً فيه او مجاملة بل حقيقة توكدها هذه الاحصائيات لهذا القدر الكبير من القصائد الملحنة والمغناة .. حيث كتب عند تقديمه لهذا الديوان .. “ ان الشاعر الغنائي علي حيمد يتصدر قائمة شعراء الاغنية اليمنية بجدارة واستحقاق على امتداد الساحة الغنائية في اليمن.وهذا بحق رأي اعتبره في نظري الشخصي شهادة جاءت من فنان له مكانته ووزنه بحضوره في الوسط الفني الغنائي والثقافي، تضاف وتسجل لصالح الشاعر.. ولعل ما ساورده لاحقاً يقدم دليلاً وبرهاناً على ما ذهبت اليه سابقاً في هذا الصياغ.. لقد لحن وغنى من كلمات الشاعر علي حيمد من بين تلك القصائد الواردة في هذا الديوان الذي انا بصدده .. من المدرسة الغنائية الحضرمية “ ومن عمالقتها الفنان القدير المرحوم محمد سالم بن شامخ رحمه الله عدداً من النصوص الغنائية كانت هي بمثابة الانطلاقة للشاعر .. وفي اوقات لاحقة ومن الاجيال الجديدة من المدرسة الغنائية الحضرمية .. غنى له كل من الفنانين الشباب صالح الصنح ، وعبدالله الصنح. اما من المدرسة الغنائية اللحجية “ من لحج الخضيرة والاصالة من “ مدرسة القمندان “ ومدرسة فضل محمد اللحجي رحمة الله عليهما غنى ولحن من كلماته الفنان القدير المخضرم الاستاذ فضل كريدي عدد من الأعمال كان اشهرها على الاطلاق “ عاد فيك الخير “ . اما من عدن الثقافة والتاريخ صاحبة السبق الفني الغنائي والموسيقي من المدرسة الفنية الغنائية العدنية تغنى بكلمات الشاعر وقدموا اعمالاً غنائية رائعة وناجحة عدد من الفنانين المتميزين والقديرين والذين بزغت نجوميتهم وعرفهم الوسط الغني في حقبة الثمانينات “جيل الثمانينات“ الذين يمكن ان نطلق عليهم اصطلاحها ان لم اكن مخطئاً او نصفهم بالفنانين الغنائيين حاملي مشروع الحداثة والتجديد في الاغنية العدنية الحاضرين على الساحة الغنائية اليوم .. منهم الفنان القدير عصام خليدي والفنان القدير نجيب سعيد ثابت والفنان القدير انور مبارك والفنان القدير رامي نبيه ذلك على سبيل المثال وليس الحصر. اما من ابين من “ مدرسة العطروش الغنائية” فقد قدم عدد من الفنانين الغنائيين عدداً من الأعمال الغنائية الناجحة من كلمات الشاعر “ علي حيمد “ منهم الفنان القدير عوض احمد ، والفنان القدير رائد الهدار ، والفنان المتميز عباد الحسين والفنان محمد يسر واخرون . ومن الاصوات النسائية فقد قدمت الفنانة القديرة “ نجمة اليمن” “ امل كعدل “ عملاً غنائياً من كلماته والحان الفنان القدير نجيب سعيد ثابت وكذلك الفنانة رويدا رياض .. الفنانة كريمة قدمت عملاً من الحان الفنان والعازف محمد صالح يافعي .. والى جانب ذلك ذلك قام الاستاذ د.الفنان الماسترو انور عبدالخالق بتلحين عملين غنائيين من كلمات الشاعر علي حيمد. وبعد هذا الاستعراض لهذا العدد الكبير من الفنانين الغنائيين المبدعين من مدارس غنائية مختلفة من الذين كان لهم تعامل مع الشاعر علي حيمد وقدموا عدداً من الاعمال الغنائية الناجحة.. من تلك النصوص الواردة بهذا الديوان .. لعله من دواعي الحديث هنا الاشارة إلى أن تلك الاعمال الشعرية قد وصلت الى جمهور واسع من الناس في صورة اعمال غنائية ناجحة شنفت الاسماع وملأت الساحة الغنائية في حقبة التسعينات حينها كانت الساحة الغنائية في عدن تشهد جزراً وتراجعاً في النصوص الغنائية الشعرية وهكذا قدر للنصوص الغنائية للشاعر علي ان تملأ الفراغ وتتصدر بجدارة الساحة لصدق وعذوبة ورقة كلماتها وروعة وتنوع واصالة الحانها وما حملته من حداثة وتجديد في شكل ومضمون الاغنية ويمكننا القول ان الاعمال الشعرية وخصوصاً النصوص الغنائية للشاعر علي حيمد كانت بحق اضافة جديدة وجيدة في مسيرة الحركة الغنائية ومكنته من ان يتبوأ مكانه رفيعة بين الشعراء الفنانين على الساحة الغنائية وحقيقة الامر ما كان لذلك ان يتحقق لولا التعاون بالجهد والتكامل للعطاء من لدى الشاعر والفنانين الغنائيين الذين تعاملوا معه والذي انصب في بوتقة واحدة ليخرج منها اعمال غنائية بكلماته فيها شروط النجاح من حيث الكلمة واللحن .. ذلك ما كان ثمرة تلك العلاقة الطيبة والتعاون والالفة التي تربط الشاعر بهؤلاء الفنانين الغنائيين والوسط الفني الغنائي والثقافي عموماً وذلك ما يدعونا في هذا الصدد إلى التذكير والاشارة الى ان مثل هكذا علاقة وتعاون بين الفنانين الغنائيين والمطربين عموماً وشعراء النص الغنائي كانت سائدة في الحقب الفارطة من القرن الماضي قد اثمرت عن اعمال غنائية رائعة لا زالت خالدة حتى اليوم .. وشكلت بصمة تاريخية لاصحابها في تاريخ ومسيرة تطور الاغنية لما تضمنته من نقلة في شكل ومضمون الاغنية من حيث النص الغنائي واللحن وما يحمله من حداثة وتحديد اسهمت في رفع الذائقة الموسيقية والفنية لدى جمهور واسع من الناس .. من قبل تلك الكوكبة من الفنانين الغنائيين والملحنين الذين حرصوا كل الحرص بل استوعبوا ماهية الاغنية والرسالة والمسؤولية المناطة بهم تجاه مجتمعهم .. لذلك اوجب عليهم السعي الجاد لخلق علاقة وتعاون وألفة مع كبار الشعراء والادباء من كتاب النص الغنائي ذلك ما افضى الى ازدهار ونهوض بالاغنية ولا غرابة ان يطلق الكثير اليوم على تلك الحقبة بالعصر الذهبي للاغنية اعترافاً بدور تلك الكوكبة من العمالقة فنانين غنائيين وشعراء امثال الشاعر الوطني الكبير المرحوم لطفي جعفر امان والاديب الشاعر محمد عبده غانم ومحمد سعيد جرادة وادريس حنبلة وعبدالله هادي سبيت وصالح نصيب وعبدالله عبد الكريم والاستاذ الاديب الشاعر احمد الجابري وسالم حجيري ومصطفى خضر وغيرهم. وان بعضاً منهم كان يشكل ثنائيا ناجحاً مع بعض من الكوكبة والروائد للاغنية امثال الفنان احمد قاسم / ومحمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله ومحمد محسن عطروش وخليل محمد خليل ومحمد عبده زيدي وفيصل علوي وغيرهم. [c1] أخيراً [/c]عسى ان اكون قد قدمت ما يفيد ولامست قدراً من الحقيقة والتوفيق في انصاف هذا “ الشاعر الغنائي “ وليعذرني الجميع والشاعر اولاً اذا ما اكتنف هذا المقالة أي تقصير واقول في مسك الختام لنفسي ولمن اعياه هذا الزمن الرديء وكدر صفوه وسلب البشاشة من على وجهه وافقده الابتسامة: “ خليك دائم مبتسم وجهك خلق للابتسام ولا تشل في القلب هم يحلها رب الايام [c1] من كلمات الشاعر علي حيمد [/c]