العراق وفلسطين والصومال وأفغانستان مازالت بؤراً للعنف
عواصم/متابعات:انشغل المسرح العالمي بالاحتفال بـ”اليوم الدولي للسلام” الذي يوافق الحادي والعشرين من سبتمبر في كل عام، لكن أغلب الجمهور كان في واد آخر، حيث تتواصل معاناة مئات الملايين من البشر جراء الحروب والصراعات فضلا عن القهر والجوع. الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يفوت الفرصة لدعوة قادة العالم وشعوبه من أجل توحيد الصفوف ومنع نشوب النزاعات ومحاربة الفقر والجوع، ثم أوجز مراده بالدعوة إلى تطبيق جميع حقوق الإنسان للناس كافة، خاصة أن احتفال هذا العام يتزامن مع الذكرى الستين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.وتنوعت الاحتفالات الأممية بهذه المناسبة بين “قرع لجرس السلام” في مقر الأمم المتحدة بنيويورك من جانب الأمين العام محاطا بـ”رسل السلام” التابعين للمنظمة الدولية، وصولا إلى دقيقة صمت لعلها لا تختلف كثيرا عن واقع الحال.الأمم المتحدة لم تخف سعادتها كذلك بأن نهار الحادي والعشرين من سبتمبر مر دون أن تقع مواجهات مسلحة في أفغانستان إحدى بؤر الصراع، بعدما تعهدت القوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة هناك بعدم شن هجمات في ذلك اليوم، ضد حركة طالبان التي عادت بقوة في الفترة الأخيرة محاولة طرد من تعتبرهم غزاة لبلادها.لكن الساحة الدولية لم تسر كلها على المنوال الأفغاني، فالعراق شهد الأحد أكثر من مائة قتيل وجريح، وفلسطين المحتلة لم تتوقف عن تشييع الشهداء، والصومال ما زال يعيش اقتتالا داخليا بتدخل قوى دولية وإقليمية.كما استبقت باكستان فعاليات يوم السلام مبكرا، فسقط نحو ستين قتيلا في تفجير هائل استهدف فندقا شهيرا بالعاصمة إسلام آباد.وفي عدد من الدول الأوروبية سارت المظاهرات المؤيدة للسلام والرافضة للحرب كما حدث في عدة مدن فرنسية وألمانية، لكن هذه المظاهرات لم تعد تغير شيئا رغم أنها تجري في بلاد ديمقراطية يفترض أن تضع رغبات الشعوب في المقام الأول. ومع أن الأمم المتحدة نالت جائزة نوبل للسلام تسع مرات على مدار تاريخها، ورغم الحديث الدائم عن السلام والاستقرار والتنمية لمسئوليها الحاليين والسابقين، فالحال لا يتغير بل وربما يسير إلى الأسوأ بشكل أوشك على القضاء على ما تبقى من ثقة في المنظمة الدولية أو أمل فيها.ويرى الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الأمم المتحدة لم تقم بما كان ينتظر منها، ويقول إنها تحولت إلى منتدى للحديث أكثر منها أداة لتغيير الواقع، لكنه في الوقت نفسه يعتقد أن التذكير بالقيم النبيلة أمر مطلوب رغم الفارق الشاسع بما هو كائن وما يجب أن يكون.ويلقي نافعة، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في عمان، باللائمة على هيمنة القطب الواحد ويقول إنها جعلت الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة شبيهة بذراع لوزارة الخارجية الأميركية.ويربط نافعة إمكانية إصلاح دور الأمم المتحدة بوجود نوع من توازن القوى في العالم، سواء بتنامي قوة الصين أو توالد الرغبة لدى الاتحاد الأوروبي في لعب دور عالمي، وقبل ذلك ما ظهر أخيرا من محاولات روسيا طرح نفسها قوة عظمى يمكن أن تنافس الولايات المتحدة.ولا يغفل نافعة دور الشعوب وضغطها من أجل الإصلاح رغم صعوبة المهمة، ويؤكد في هذا الصدد أن المقاومة في كل من العراق وأفغانستان ولبنان كان لها الدور الأكبر في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركية على العالم في السنوات الأخيرة.وكان الرئيس الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة ميغيلي ديسكوتو بروكمان، وهو وزير خارجية سابق لنيكاراغوا، شن هجوما عنيفا على الولايات المتحدة وطالب بإصلاح عاجل لمجلس الأمن، قائلا إن بعض أعضائه يرتكبون انتهاكات خطيرة للسلم والأمن الدوليين.واتخذت الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة من “الشرعية الدولية” غطاء لعملياتها في كثير من أنحاء العالم، ما شوه الصورة الوردية للقوات التي تحمل الصبغة الدولية وجعل منها في أحيان كثيرة مصدر عدوان بدلا من أن تكون عنصر سلام واستقرار.ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث شهدت السنوات الماضية تورط “القبعات الزرق” في الكثير من الفضائح بداية من الاستغلال وصولا إلى التهريب والاغتصاب. وبين هيمنة الأقوياء وحروبهم المجنونة، وتجاوزات قوات يفترض أن تعمل لحفظ السلام، تستمر معاناة عشرات الدول وملايين الناس من الاحتلال والحروب والمجاعات، بانتظار أن يتمكنوا يوما ما من العيش في سلام.