دراسة علمية أكاديمية شاملة
عرض/ نعمان الحكيم :هذه كلمات ملخصة وموجزة عن رسالة ماجستير مهمة في تاريخ مدينة عدن الحضن الدافئ والثغر الباسم.. تقدمت بها الطالبة/ هناء عبد الكريم فضل عبدالله صالح - المعلمة في مدرسة (عثمان عبده) الثانوية بالشيخ عثمان.. وهي دراسة متميزة ومعمقة وتطرق باباً مهماً من تاريخ عدن هو الجاليات الأجنبية ما بين الأعوام (1839 - 1967م) أي فترة الاحتلال حتى الاستقلال.. وهي إسهام جاد في إثراء الثقافة العدنية التي لها انتشار تاريخي، وما ساهم به اختلاط هذه الأجناس من عادات وتقاليد وثقافات دامت وأسهمت في اندماج ديموغرافي استطاعت الطالبة هناء أن تستنبط في دراسة تحليلية مبوبة ومدعمة بالأرقام والمشاهد التاريخية الهامة وهو ما جعل الرسالة تأخذ اتجاهاً هاماً كأحد مكونات الدراسة للماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر - وبتقدير امتياز..ويبقى أن نقول : لنا الفخر أن تكون إحدى العدنيات قد استيقظت لتعطي للتاريخ دفعة هامة على طريق رسالة الدكتوراه إن شاء الله والتي هي بصدد التحضير لها من الآن.والطالبة/ المعلمة هناء : من مواليد (5 أكتوبر 1975م) الشيخ عثمان.. بكالوريوس آداب (97/98م) وحاصلة على شهادات أهمها : (المركز الأول للعام الجامعي 95/96م - شهادة التفوق العلمي على مدى سنوات الدراسة الجامعية - شهادة الطالبة المثالية (ثانوية عثمان عبده) التي كانت فيها طالبة ثم هي الآن معلمة فيها)..والدراسة التي نالت الامتياز.. أهدتها هناء إلى كل من :والدتها أطال الله عمرها ووالدها رحمة الله عليه وأشقائها : (عبد الناصر/ طه/ ماهر/ ليلى/ منى..)..ولأن موضوع الرسالة طويل ويحتاج إلى تناولات عديدة، ارتأينا أن نبدأ بملخص لرسالة الماجستير الذي قدم من قبل الطالبة للدفاع عن بحثها ومن ثم نيل الدرجة العلمية المشرفة.تعتبر عدن منطقة إستراتيجية مهمة، جعلتها معرضة للغزو الأجنبي منذ عام 1839م؛ نظراً لموقعها الجغرافي الإستراتيجي المهم، الذي يشرف على مضيق باب المندب الذي يعتبر البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وطريقاً رئيساً للتجارة ما بين جنوب آسيا وإفريقيا.لهذا؛ حاولت في هذه الدراسة الموسومة بـ (الجاليات في عدن / 1839 - 1967م) أن أغطي فترة مهمة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، خصوصاً وأن اختياري تكمن أهميته في اعتبارها أول دراسة علمية أكاديمية شاملة تناقش أوضاع الجاليات الأجنبية في عدن أثناء الاحتلال البريطاني لها.الجدير بالإشارة في هذا الصدد أن مستعمرة عدن امتازت بالتعدد السكاني، وقد كان هدف بريطانياً من تعدد الجنسيات داخل عدن لضمان قمع أي تمرد.إن المجتمع العدني كان خليطاً من مختلف الأقوام : هنود، وصومال، وأوربيون، وفرس، ويهود، وعرب، لذا نجدها قد فتحت أراضي عدن للموجات الاستيطانية الأجنبية التي تدفقت عليها من دول الكومنولوث البريطاني لأغراض مختلفة (عسكرية، وتجارية، وإدارية).وأصبحت عدن تحت تأثير هذه الهجرة، مدينة مفتوحة على كل الاتجاهات الدينية والقومية.[c1]منهج الدراسة[/c]تكتسب هذه الدراسة خاصية الاعتماد على منهج البحث التاريخي والتحليلي، من خلال الاستناد إلى الوثائق والمصادر كمنبع رئيسي في الدراسة، وهذه الوثائق والمصادر محفوظة في مركز الدراسات والبحوث اليمنية (فرع عدن)، ومركز البحوث والدراسات اليمنية (جامعة عدن) ومركز حنبلة للتوثيق، بالإضافة إلى المقابلات الشخصية بمن عاصروا هذه الحقبة التاريخية موضوع الدراسة، وإلى المراجع الأجنبية المعاصرة لعدد من الإنجليز ممن شغلوا مناصب في الإدارة البريطانية.تتألف هذه الدراسة من ثلاثة أبواب، يحتوي كل باب على فصلين.ناقشنا في الباب الأول : التركيبة السكانية لمدينة عدن، احتوى الفصل الأول منه على: مدخل تمهيدي يوضح الأهمية الإستراتيجية لعدن كعامل جذب الجاليات الأجنبية، ليس هذا فحسب، بل ضم الفصل الأول موضوعات أخرى مثل التغيير الديمغرافي، والإحصاءات الرسمية للسكان في عدن، وتزايد أعداد أبناء الجاليات الأجنبية بعد أن جاءوا إلى عدن معدمين فقراء، فأثروا ثراءً فاحشاً، وارتقوا إلى أعلى المناصب، وجاد عليهم الاستعمار البريطاني بالجاه والمال والرتب والامتيازات واعتبرهم أصحاب حق شرعي في البلاد.وفي الفصل الثاني : ناقشنا تأثير التعدد السكاني على النشاط الاقتصادي لمدينة عدن والنشاطات الاقتصادية التي كانت تقوم بها الجاليات في عدن، وتأثير هذا التعدد على الحياة الاجتماعية والثقافية في عدن، وبعض الكلمات المشتركة بين العدنيين وبعض الجاليات، وتأثيره على الفن والأدب والتعليم، وتأثيره على أوضاع السكان المحليين في عدن وما ترتب عليه من وعي اجتماعي وسياسي أدى إلى مطالبة أبناء عدن بالحكم الذاتي، وتمسكهم بعدنيتهم.واحتوى الباب الثاني على فصلين، تطرق الفصل الأول للحياة الثقافية للجاليات، أي أنديتهم وجمعياتهم الثقافية والرياضية والاجتماعية.بينما تطرق الفصل الثاني للحياة الاجتماعية للجاليات في عدن، وطريقة حياتهم من : زواج، وغذاء، وسكن، وعلاقتهم بأبناء عدن وما سادها من ودية مع بعض الجاليات كالهنود المسلمين والصومال من جهة، واضطراب من جهة أخرى مع اليهود داخل مستعمرة عدن.وضم الباب الثالث فصلين : تطرق الفصل الأول إلى مشاركة الجاليات في الحياة السياسية والإدارية لمدينة عدن، أي مشاركتهم بالمجلس التشريعي والبلديات والأحزاب السياسية.بينما تطرق الثاني لمشاركة الجاليات في القيادة الإدارية لمدينة عدن كمدراء المرافق والبنوك والشركات والمدارس، فقد كان لهم مدارسهم الخاصة وشركاتهم ومصارفهم.ومن هذا المنطلق نأمل أن تكلل جهودنا المتواضعة، وتتمكن هذه الدراسة من ملء جزء من الفراغ في المكتبة اليمنية والعربية ولاسيما فيما يتعلق بالجوانب المختلفة التي اتبعتها بريطانيا إزاء هؤلاء الأجانب، وما يتعلق بحياة هذه الأقليات وأنديتهم ومدارسهم ومشاركتهم في مختلف الحياة داخل عدن. [c1]ملاحظات مهمة [/c]أولاً : أن الأطماع البريطانية في عدن نتيجة للأهمية الإستراتيجية التي تحتلها عدن منذ عام 1833م، باعتبارها من أشهر الموانئ العالمية.ثانياً : أن بريطانيا سعت إلى جعل عدن خليطاً من جميع الأجناس : (الهندية، واليهودية، والصومالية، والفارسية، والأوروبية)، حتى لا يكون لديها أدنى خوف من انتفاضاتهم الداخلية.ثالثاً : إن بريطانيا فرضت اقتصاداً تجارياً خدمياً على مستعمرة عدن، فكانت تجارة الاستيراد وإعادة التصدير (الترانزيت) أساساً لاقتصادها وتحولت عدن إلى مخزن كبير للمنتجات التجارية الأجنبية لإعادة تصديرها إلى الأسواق الداخلية والمجاورة.رابعاً : كان لهؤلاء الأجانب أثر كبير على أوضاع السكان المحليين في عدن من خلال منافستهم لأبناء عدن في رزقهم ومزاحمتهم من كافة النواحي.خامساً : مطالبة أبناء عدن بالحكم الذاتي وبتعيين كافة المرافق داخل عدن.سادساً : إن هؤلاء الأجانب كانوا يمارسون عباداتهم وطقوسهم داخل عدن بحرية تامة، ويعيشون بسلام جنب إلى جنب، ولاسيما مع أبناء الجالية اليهودية، لكن ما عكر صفو هذه العلاقات قيام دولة إسرائيل في فلسطين مما أدى إلى احتجاج أبناء عدن، فحدثت الاضطرابات بينهم وبين الجالية اليهودية في عدن.سابعاً : إن بريطانيا أرادت تحسين صورتها أمام القوى الوطنية في مستعمرة عدن بما قامت به من تطوير لبرامج التعليم وإعلانها عام 1944م منح عدن مجلساً تشريعياً يضم ثلاثة من العرب، فكان ذلك امتصاصاً لغضبهم.ثامناً : إن بريطانيا حرمت أبناء عدن من أبسط حقوقهم وفضلت عليهم الأجنبي ومنحته كل الحقوق والامتيازات وربطت اقتصاد عدن برأس مال الأجنبي المتمثل بالشركات والمصارف الأجنبية، وجعلت الأجانب كلهم مواطنين شرعيين داخل المستعمرة عدن..وتجدر الإشارة إلى أن أي تقصير أو نقص مرده إلي وحدي.. وأن أي اكتمال فمرده بعد الله سبحانه وتعالى إلى أستاذي والمشرف على هذه الرسالة، الدكتور/ صادق عبده علي قائد الذي كان سنداً لي وعاملاً من عوامل النجاح..!نحن في الإعلام التربوي نبارك لهناء هذا التميز.. وإن شاء الله تكمل رسالتها العلمية (الدكتوراه) في وقت لاحق لأهميتها في تاريخ عدن المليء بالمواقف الهامة..