سطور
يعتبر الفنان اليمني الراحل بشير ناصر بلال من أحد أهم الرموز الفنية الإبداعية بل ويشكل قامة فنية إبداعية كبيرة برزت مواهبها الإبداعية بمحافظة لحج بشكل خاص واليمن بشكل عام، حيث قدم الفنان الراحل بشير خلال مسيرته الفنية الطويلة ألحاناً عذبة وسلسة تمثلت بتقديم مختلف الإيقاعات الغنائية اليمنية منها اللحجي واليافعي والصنعاني والحضرمي الخ.وكان بذلك خير من يجيد التعامل مع الألحان والألوان الغنائية المختلفة إضافة إلى تميزه وبراعته في العزف على آلة (الكمنجة) والتي عشقها منذ نعومة أظفاره.وتألقه الدائم منذ أمد طويل بقيادة فرقة مكتب الثقافة بلحج منذ تأسيسها عام 78م.هكذا ظل الفنان بشير ناصر عاشقاً محباً لفنه لإبداعاته ووطنه ووحدته، يحب الناس والحياة ويعشق الأرض إلى حد العبادة ويعتز بالصداقات الإنسانية ويخلص لها.فعلى الرغم من مرضه العضال وفترة بقائه بمنزله بأبين وعلى مدى (6) سنوات وهو طريح الفراش بين أهله وأولاده وزوجته الفنانة/ انتصار أحمد علي إلا أنه ظل يتساءل عن غياب الوفاء والأصدقاء لماذا يبخلون عليه حتى بالزيارة أو السؤال عن صحته وأحواله فما من مجيب سوى تلك الذكريات والتي أرتبط بها بمحافظ لحج السابق منصور عبد الجليل الذي كان بين الحين والآخر يخفف من وطأة آلامه بالسؤال والاطمئنان على صحته وأخباره الصحية.ولذلك فقد أوصى أبناءه وزوجته بأن يدفن ويقبر بمحافظة لحج الخضيرة متدثراً بالشموخ والكبرياء فهو وإن كان قد عاش مظلوماً ومات مظلوماً في عصر يوم السبت الموافق 13/ 3/ 2010م إلا أنه ظل يتغنى بالوطن وبوحدته اليمنية موقناً وبإيمانه الراسخ بالتربة اليمانية الطاهرة.وكنت أتعجب كثيراً حين أجده عند زيارتي له في منزله (بأبين) يتغنى بالأعمال الغنائية الجديدة التي أهديتها له خصوصاً هذه الأغنية الوطنية التي وضع لها لحناً قوياً وأداءً غنائياً رائعاً ومتميزاً والتي فيها أقول :(ياعيدسبتمبر * * يا عيد أكتوبرالخير قد نور * * بالفجر الجديدوزانت الأنوار * * للجيش للثواريوم حطموا الأسوار * * والقيد الحديدفي خير ثورتنا * * لعز أمتناإنجاز بوحدتنا * * لليمن السعيد الخ)وكذلك كم أخجلني كثيراً عندما وجدته يردد على مسامعي هذه الغنائية العاطفية والوجدانية والتي أقول فيها :(زادت عليهم شجونيوضعتهم في عيوني واليوم والله نسونيبعد الشهور والسنينمسكين قلبي الغيورفي حبهم صار مأسورحنت معيه الطيورمسكين قلبي الحزين ... الخ)ومما زادني حسرة عليه عند مشاهدتي له والدموع تتساقط من عينيه إيثاراً للسؤال.لقد تناساوني الأصدقاء والأحباب ورموني بين نيران الجحيم وطيات النسيان وتقلبات الزمن.حين وجدته حدثني قائلاً :ماذا بقي معي سوى ذكريات الوفاء مع المبدعين من الأوفياء فرحم الله الأستاذ الإعلامي التربوي علي الخديري الذي كان لا يتوانى لحظة بالسؤال عن أحوالي وصحتي. وأنت أيها الصالح الشاعر صالح محمد حسين الصلاحي.حينها أدركت ماذا تعني الزيارة بالنسبة للمريض المقعد على الفراش وجبر المحبين في الدنيا فقلت رحم الله الفنان بشير ناصر الذي غادرنا وهو متحسر ومظلوم في مماته ولكن عزاءنا لأبنائه الكرام. (إنا لله وإنا إليه راجعون).